ظهرت أنيابهم.. الأزمة تتدحرج بين طمع العسكر ووعي ثوار السودان

دخل رئيس المجلس العسكري الحالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في معركته الثانية مع الثوار المعتصمين، الذين نجحوا الأسبوع الماضي في حمل العسكر على الاعتراف بإعلان الحرية والتغيير كقائد للحراك، والآن يدخل العسكر معركة فض الاعتصام بقرار استئناف الدراسة في الجامعات المغلقة منذ أربعة أشهر، ومحاولة فتح الطرق والجسور وخط السكة الحديد في محيط الاعتصام.

وسلمت قوى الحرية والتغيير، الخميس، رؤيتها الخاصة بالإعلان الدستوري، والتي تُحدد بشكل متكامل طبيعة السلطات ومستوياتها في الفترة الانتقالية، وفق ما ورد في بيان صحفي نشرته صفحة تجمع “المهنيين السودانيين” بموقع “فيسبوك”، وأوضحت أنه ضمن رؤيتها يتولى مجلس الوزراء الانتقالي صلاحية إعلان الطوارئ ووضع السياسة العامة للدولة.

اشتعال الأزمة

وبحسب تفاصيل الوثيقة الدستورية التي نشرتها القوى، في بيان، فإن “مستويات الحكم في البلاد ستكون من مجلس سيادي انتقالي، وهو رأس الدولة ورمز السيادة، ومجلس وزراء تكون له السلطة التنفيذية العليا، وكذلك هيئة تشريعية تقوم بالدور التشريعي والرقابي”.

وأشار البيان إلى أن “القائد الأعلى للقوات المسلحة سيكوّن مجلس السيادة الانتقالي، ويعتمد تعيين أعضاء مجلس القضاء الأعلى، ويعتمد سفراء السودان بالخارج، وتعيين حكام الأقاليم بالبلاد، فيما يتكون مجلس الوزراء من رئيس ونائب وعدد من الوزراء لا يتجاوز 17 وزيرا”، كما نصت الوثيقة المقترحة، “أن يتكون المجلس التشريعي الانتقالي من 120 إلى 150 عضوا يتم التوافق عليهم بواسطة القوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير، ولا يقل تمثيل المرأة به عن 40 بالمئة”.

وبين ليلة وضحاها، تدحرجت الأزمة بين المجلس العسكري الانتقالي بالسودان وقوى إعلان الحرية والتغيير إلى تبادل الاتهامات واضمحلال الثقة، وبشكل قد يقود الشارع للمطالبة بسقوط ثالث للعسكر. وفي 11 أبريل الماضي، اضطر الجيش لعزل الرئيس عمر البشير تحت ضغط ستة أيام من اعتصام المحتجين أمام القيادة العامة للجيش، ليتولى الفريق أول عوض بن عوف رئاسة المجلس العسكري، قبل ساعات من التنحي تحت ضغط المعتصمين.

في غضون ذلك، يتوافد آلاف المتظاهرين إلى ساحة الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم، تلبية لدعوات أطلقتها قوى الحرية والتغيير للخروج في “مليونية السلطة المدنية” للمطالبة بنقل السلطة إلى المدنيين، ورفض أي محاولة لإقامة نظام عسكري آخر في البلاد.

كانت الأجواء قد توترت بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي بعد وصول الطرفين إلى تفاهم مبدئي لتحديد ملامح الفترة الانتقالية، وقال بعض ممثلي قوى الحرية والتغيير، إن المجلس ليس جادًّا في تسليم السلطة، وإن خطابه مستفز للمحتجين، في حين أكد المجلس أنه لن يسمح بالفوضى في الشارع وأن لصبره حدودا.

واختلف الجانبان على نسب التمثيل في مجلس سيادي مقترح، حيث رأى المجلس العسكري تشكيله من سبعة عسكريين وثلاثة مدنيين برئاسة رئيس المجلس العسكري الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في حين طالبت قوى الحرية والتغيير بأن تكون الغلبة في المجلس للمدنيين.

تسليم السلطة

وقال تجمع المهنيين السودانيين، إن المجلس العسكري الانتقالي ليس جادا في تسليم السلطة للمدنيين، وذلك في سياق تصعيد واتهامات متبادلة بين الطرفين، إثر خلافات بشأن تشكيل المجلس السيادي. وقال محمد ناجي الأصم، المتحدث باسم التجمع: “ما نستشعره من كل تصرفات المجلس العسكري حتى اللحظة أنه غير جاد في تسليم السلطة للمدنيين”.

وأضاف أن “الزمن قد تطاول، ومع تطاول الزمن صلاحيات المجلس العسكري تتمدد، وهذه خطورة كبيرة جدا على الثورة السودانية”، وأشار إلى أنه “لم تعقد جلسة مفاوضات اليوم، لكننا خلال ساعات سنقدم رؤيتنا للمستويات الثلاثة من السلطة ونتوقع الرد عليها سريعا”.

وانتقد الأصم مطلب المجلس العسكري فتح بعض الطرق والجسور بالقرب من منطقة الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش، وقال “من غير المنطقي أن تتحدث أنك لا تريد فض الاعتصام وتريد إزالة المتاريس وفتح الطرقات”، واتهمت قوى الحرية والتغيير المجلس العسكري بأنه يحاول دق إسفين بين الشارع السوداني والمعتصمين، وأن لديه نية واضحة للاستئثار بالسلطة، مؤكدة أن “ثورة ديسمبر المجيدة لم تنته بعد ولدينا المزيد من خيارات المقاومة السلمية”.

وشددت قوى التغيير في السودان على ضرورة غلبة المدنيين على تشكيلة المجلس السيادي، مشيرة إلى أنها لم تحدد أي موعد لجلسة جديدة للتفاوض مع المجلس العسكري بهذا الشأن، كما حذرت من مغبة فض الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش، وقالت إنها مستمرة في الاحتجاج، وذلك بعد أن قال المعتصمون إن قوات من الجيش حاولت فض الاعتصام.

تأتي هذه التطورات عقب تصعيد المجلس العسكري الانتقالي لهجته تجاه الاحتجاجات، محذرا من استمرار ما سماها “الفوضى”، وتعهد بفرض القانون والأمن وحماية المواطن وممتلكاته، وقال “إن للصبر حدودا”، وقام محتجون في الخرطوم، الثلاثاء، بإغلاق بعض الطرق، ومن بينها شارع النيل المحاذي للقصر الجمهوري، وشرع المعتصمون أمام مقر القوات المسلحة في العاصمة بتوسيع حواجزهم في عدة شوارع على مداخل الاعتصام.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...