في رمضان.. موائد إفطار فاخرة في قصور العسكر والشعب يسف التراب

لم يكن الإعلامي أحمد موسى وهو أحد أذرع الانقلاب يهذي عندما طالب المصريين بالتقشف في رمضان خلال وجبات الفطار، قائلًا: “اللي قادر يجيب اللي هو عاوزه، واللي على قده يجيب شوية بلح، وشوية لبن، ده أحلى فطار، مع شوية ليمون نعصرهم، على شوية خروب أو تمر هندي أو عرق سوس”، إلا أنه فضح ما يجري في قصور وفيلات العسكر وأذرعهم الذين يعانون من وفرة المال قائلًا: “أنا أول يوم رمضان لو ما أكلتش قطايف ميبقاش عندي رمضان، مع الفخذة الضاني اللي خارجة من الفرن، ده الفطار بتاعي بقى”!

كان ذلك في عام 2016 وعلى الهواء مباشرة، فهل تغير الأمر في نسخة رمضان 2019؟، وهل تحقق ما قامت لأجله ثورة 25 يناير 2011، عندما احتج الشباب على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السيئة، ورفعوا أصواتهم بثلاثة مطالب اجتماعية ضمن شعارات الثورة، هي العيش والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.

الشيطان مصيلحي!

إمعانا في قمع المصريين زج جنرال إسرائيل السفيه السيسي بأحد أذرعه، وهو وزير التموين والتجارة الداخلية الحالي، علي المصيلحي، أحد رموز نظام المخلوع مبارك، والمسئول عن نفس الوزارة منذ نهاية 2005 تحت مسمى “وزارة التضامن الاجتماعي والتموين” وهو أحد المشاركين بسياساته في إهدار الحقوق الاجتماعية في آخر خمس سنوات من حكم مبارك، والتي شهدت سقوط أكثر من خمسين قتيلا من المصريين في طوابير الخبز واسطوانات الغاز فترة توليه الوزارة، حتى قام المصريون بثورة شعبية عليهم جميعًا.

واستمر المصيلحي وزيرًا للتموين في حكومة أحمد شفيق بعد سقوط مبارك وطبق شرط الحد الأقصى على دخل طالبي البطاقة التموينية، واشترط أيضًا ألا يزيد عن 1500 جنيه والموظف بالمعاش 1200 جنيه، وظل هذا القرار معمولا به في حكومة عصام شرف والجنزوري طوال فترة حكم عصابة المجلس العسكري.

ومنذ تولى المصيلحي، صاحب الخلفية العسكرية، مسئولية وزارة التموين منتصف فبراير 2017 وهو يحاول أن يثبت للسفيه السيسي أنه قادر على تمرير سياسات صندوق النقد الدولي وإلغاء الدعم الاجتماعي المقدم للمصريين، كما كان يفعل مع مبارك ونجله جمال، وكاد يتسبب في ثورة خبز جديدة بعد توليه الوزارة بثلاثة أسابيع فقط بسبب قرار أصدره يحرم بعض الفئات من دعم الخبز في مارس 2017.

وتتباين بقوة منذ انقلاب 30 يونيو 2013 الفروق بين الوجبات الغذائية، التي يتناولها الأغنياء والفقراء على موائد رمضان، وينقل إعلام الانقلاب سواء في المسلسلات التي ترصد حياة الأثرياء أو من خلال الإعلانات التجارية المستفزة للإفطار الرمضاني في المطاعم والفنادق، الفجوة الموجودة بين الأغنياء والفقراء الذين يعيشون معا في نفس البلد، فوق نفس الأرض، وتحت نفس السماء.

مائدة الفرعون!

وغير مستبعد أن يتناول السفيه السيسي وزوجته يوميا على الإفطار مزيجًا من الأطعمة الشرقية والغربية الفاخرة، في نفس الوقت الذي يعمل فيه السفيه على تجويع الملايين عمدًا، وقمعهم عن طريق الجوع والغلاء ورفع الأسعار، وهو ما بات يشبه وضع الفرنسيين قبل الثورة الفرنسية، عندما عانوا من نقص الأطعمة، مقابل تناول الأميرة الفرنسية ماري أنطوانيت للوجبات الفاخرة، وخاصة الحلويات الفرنسية، والفواكه النادرة.

وعند المقارنة بين حال الغني الذي انحاز لعصابة الانقلاب، والفقير الذي سحقه العسكر في شهر رمضان وحده, تقف فروقات منفرة ففي الوقت الذي تكاد تفيض فيه موائد أغنياء السفيه السيسي من الجيش والشرطة والقضاء ورجال الأعمال الفسدة من الأطعمة المكدسة فوقها، يكون الفقير جالسا يبحث عن شيء يغمس به لقمة الخبز اليابس.

وفي الوقت الذي ينشغل فيه أغنياء عصابة السفيه السيسي في تصوير موائدهم على مواقع التواصل الاجتماعي، للتباهي فيها أمام أصدقائهم أثناء انتظارهم للأذان، ينشغل تفكير الفقير في إذا كان ما حصله من طعام يكفي لسد رمق عائلته وأطفاله الصيام، وفي الوقت الذي ترمي فيه أغنياء عصابة الانقلاب نصف ما تبقى على موائدهم الضخمة من طعام في مجمعا النفايات، ينشغل الفقير في البحث عن إفطار اليوم التالي لأبنائه ليسد رمقهم.

يأتي ذلك في العام السادس للانقلاب العسكري الذي نفذه السفيه السيسي ضد الرئيس محمد مرسي، أول رئيس منتخب للبلاد، بينما خيم التناقض على مشاهد الإعلانات التجارية التي تبث عبر الفضائيات خلال شهر رمضان؛ حيث تنقسم لإعلانات تسوقية للعقارات والفيلات والشقق الفاخرة ولأحدث الأجهزة الاستهلاكية والترفيهية وشركات الاتصالات، وبين الإعلانات التي تدعو المصريين إلى التبرع بأموالهم للمرضى وللفقراء.

وتمثل النوعية الأولى استفزازا لملايين المصرين الذين يعيشون تحت خط الفقر؛ حيث تُظهر مستوى معيشيا مختلفا عن حال الحواري والأزقة والقرى التي تعيش وسط القمامة والصرف الصحي، وقدمت الإعلانات المصحوبة بالنجوم أصحاب الأجور المليونية سباقا في عروض الموضة والديكور والأثاث واللقطات من فوق الشواطئ، ومن داخل الفنادق الكبرى، وملاعب الجولف، ووسط نهر النيل، والكمبوندات المحاطة بأفراد الأمن، وسفرات عامرة بأفخر أنواع الطعام والمطابخ العالمية، إلى جانب الإبهار والخدع البصرية، فيما تصدرت إعلانات شركات المحمول الثلاثة حالة استفزاز الفقراء بإعلان مدته لا تقل عن دقيقتين لكل شركة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...