دراسة موثقة: عداء “بن سلمان” للبنا والإخوان جنوح عن منهج مؤسسي المملكة

كشفت دراسة بحثية موثقة عن علاقة الإخوان المسلمين من خلال مؤسسها الإمام حسن البنا وحتى وقت قريب بالمملكة العربية السعودية، منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز.

وقالت الدراسة، كان للإخوان في السعودية رجال وشعبة في 3 مناطق، حتى إن من بين أبرز المشاهد في ذلك طباعة كتاب “في ظلال القرآن” للشيخ سيد قطب، الذي يتهمه إعلام محمد بن سلمان، وصديقه محمد بن زايد بتهمة “الإرهاب”!.

ولكن الجديد في تلك العلاقة التاريخية التي ظلت كذلك مع الملك سعود والملك فيصل؛ بدأ منذ انقلاب الجيش على أول رئيس مدني منتخب 2013م بمباركة ومعاونة السعودية والإمارات، فدفع الملك وولي عهده الأقلام لمحاولة تبرير الانقلاب وأسباب دعمهم له، بل شنوا هجمة لشويه التاريخ والواقع لصالح ملوكهم وأمرائهم، وصلت إلى اتهام الشيخ البنا بأنه يهودي ماسوني!.

خدمة التصنيف

وكان مستغربًا أن تزعم صحيفة سعودية تصدر من مكة المكرمة وتحمل اسم “مكة”، أن هناك قائمة لـ”40 إرهابيًّا” حول العالم تأثروا بأفكار جماعة الإخوان المسلمين التي وصفتها بـ”الإرهابية”.

كما زعمت الصحيفة أن الجماعة التي تأسست في مصر عام 1928 ونشرت فروعا لها في العالم، أثرت بشكل مباشر على عدد من قادة الإرهاب البارزين الذين خرجوا من تحت عباءتها.

وحملت “الإخوان” مسئولية أحداث 11 سبتمبر، حين قالت إن الجماعة التي تعد أقدم جماعة أيديولوجية منظمة، ألهمت مؤسسي القاعدة من خلال أفكار زعيمها سيد قطب الداعية للجهاد العنيف، وكان الباعث الحقيقي لتلك الأحداث ضرب برجي التجارة العالمية، والكثير من الحوادث الإرهابية.

ومن أبرز الذين ذكرتهم الصحيفة في القائمة، الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وسيد قطب الذي وصفته بأنه الزعيم الحقيقي للإخوان، والرئيس د.محمد مرسي، والأكاديمي اليمني د.عبد المجيد الزنداني، ومحمد ضيف القائد العام لكتائب القسام، وغيرهم.

لكن السؤال الذي طرحته الدراسة ردا على تلك الادعاءات: هل استيقظت السلطات السعودية فجأة فاكتشفت أن هؤلاء الرموز والمجاهدين الذين سطروا للأمة تاريخها بمداد من نور كانوا إرهابيين ويدعمون الإرهاب فجأة، أم أنها مغازلة من النظام السعودي لدول الغرب للمحافظة على سلطاتهم وعروشهم على أرض الحرمين؟ أم أنها محاولة من السعودية لإلصاق تهم 11 سبتمبر بجماعات سلمية تعمل على تحرير وطنها من التبعية الصهيونية والغربية؟.

رمتني بـ”جاستا”

ومما لا ينكره أحد أن الإخوان أدانوا أحداث 11 سبتمبر، ولكن الجميع يعلم ضلوع السعودية فيها، وأن قانون جاستا تم سنّه من أجل تورط السعودية وأفراد منها في هذا الحادث، ولم يأت ذكر الإخوان فيها أبدا، بل قام الإخوان وقتها بالتنديد بهذا الحادث الأليم.

لقد ندد الإخوان بالحادث، حيث جاء بيان المرشد العام الأستاذ مصطفى مشهور: إن “الإخوان المسلمين يعلنون استنكارهم ومعارضتهم لكل عدوان على حياة البشر وحرية الشعوب وكرامة الإنسان في جميع أنحاء العالم”.

وكانت السعودية تعرف ببلاد بالحجاز وأطلق عليها رسميا اسم المملكة العربية السعودية عام 1932م، وكانت العلاقة بين مصر والسعودية في ذلك الوقت متوترة خاصة بعد حادث المحمل الذي أراد كل ملك، سواء الملك السعودي أو الملك فؤاد الأول، أن تكون له اليد الطولى عليه.

ويعد أول اتصال بين جماعة الإخوان والسعودية حينما اتصل الأستاذ محب الدين الخطيب بالإمام الشهيد وعرض عليه السفر للعمل كمدرس في المعاهد السعودية، وكان ذلك في نوفمبر 1928م، إلا أن الموضوع لم يتم بسبب عدم اعتراف الحكومة المصرية بحكومة السعودية في ذلك الوقت تحت ضغط من إنجلترا (كما جاء في مذكرات الشيخ البنا).

دراسة بحثية

وجاءت الدراسة بعنوان “إن كان حسن البنا والإخوان إرهابيين.. لماذا احتفى بهم الملك عبد العزيز وإعلامه؟”، استندت إلى صحف السعودية القديمة ومنها صحيفة “أم القرى”، حيث أظهرت حقيقة وضعية حسن البنا وجماعة الإخوان المسلمين، ومواقف الحكومة المصرية تجاه البنا، الذي يتهمه الآن صبيان الملك بأنه يهودي مغربي.

وقالت إن الشيخ البنا لم يفكر للانتقال إلى السعودية للعمل كمدرس فحسب، لكن وضع الشيخ شرطًا وهو [ألا أعتبر موظفا يتلقى مجرد تعليمات لتنفيذها، بل صاحب فكرة يعمل على أن تجد مجالها الصالح في دولة ناشئة هي أمل من آمال الإسلام والمسلمين، شعارها العمل بكتاب الله وسنة رسوله وتحري سيرة السلف الصالح وأما ما عدا ذلك من حيث الرواتب والامتيازات المادية وما إليها فلم أجعله موضع حديث فيما بيننا، وقد أظهر سروره لهذه الروح ووعدني أنه سيقابل وزير الخارجية ويتفاهم معه في هذا الشأن ويفيدني].

الإخوان في المدينة

وسبق أن قام الشيخ البنا– المرشد العام– يرافقه الشيخ مصطفى الطير الحديدي- وكيل مكتب الإرشاد- والأستاذ فتح الله درويش أفندي، والأستاذ أسعد أفندي راجح– عضوا المكتب– بزيارة السيد عباس القطان- محافظ المدينة المنورة- بمناسبة نجاح العملية التي أجراها في مصر في إحدى عينيه على يد الطبيب محمد بك صبحي، حيث تحدثوا عن شئون الحجاز والمسلمين عامة، ثم استأذنوه فودعهم إلى سلم الفندق شاكرًا للإخوان المسلمين حفاوتهم، ووعد برد الزيارة في مكتبهم العام.

وبادر الإخوان لمساعدة المدينة المنورة لدى تعرضها لأزمة ومجاعة من خلال المساعدات المادية للمستغيثين من المسلمين، من ذلك تأليف لجان لجمع التبرعات من المساجد والمصالح الحكومية لأهل المدينة.

كما افتتح الإخوان بالمدينة المنورة مدرسة للتعليم “مجانًا” وجعل برنامجها كبرنامج معاهد حراء التابعة لجمعيات الإخوان المسلمين، وقد أرسل يطلب إلى الإخوان إرسال برامج الدراسة واللائحة والقانون.

صلح موفق

وكان الإمام البنا- رحمه الله- حريصًا على الصلح بين اليمن والمملكة السعودية عام 1924م بسبب إمارة الأدارسة والتي تحولت لحرب ضروس بين المملكتين عام 1934م والتي انتهت باتفاقية الطائف في نفس العام، وبهذه المناسبة كتب الشيخ حسن البنا عن سعادته بذلك، تحت عنوان: “في الجزيرة العربية معاهدة الطائف بين الإمامين ربح للمسلمين والعرب جميعًا”.

كما استغرب الشيخ البنا، في مقال له، محاولات الحاج “عبد الله فلبي” المسلم الإنجليزي، وهو صديق الإمام ابن سعود، والذي أولته البلاد العربية نعمتها، التي ينعم بها من ثروة ومال وعز وجاه يحاول بما يكتب في جرائد إنجلترا أن يعيد الخلاف وأن يعكر صفو العلائق الودية وأن يثير الفتنة من جديد.

ادعاء “كلنا إخوان”

ومن أشهر ما ينسب زورًا للإمام البنا ادعاءات يكتبها الصحفيون السعوديون والإماراتيون وغيرهم نقلا عن البعض، بأنه تم لقاء بين الملك عبد العزيز آل سعود والشيخ البنا عام 1936م، والذي طلب فيه البنا إنشاء فرع لجماعة الإخوان المسلمين في السعودية، فكان جواب الملك عبد العزيز ذكيا ودبلوماسيا حين رفض الطلب قائلا للبنا: «كلنا إخوان مسلمون».

وقالت الدراسة إن صحف الإخوان أو كتابهم لم يتطرقوا لمثل هذا القول، ولا أن البنا طلب من الملك عبد العزيز مثل هذا الطلب لوقوفه الجيد على طبيعة الوضع القائم في السعودية سواء من انتشار الوهابية التي يرعاها حكم آل سعود، إلا أن صحف الإخوان ذكرت عام 1937م أسماء مندوبين لها في أماكن متفرقة في السعودية، حيث ذكرت أن الحجاز كانت دائرة وبها عدد من الشعب ومنها:

1-     شعبة مكة المكرمة      ورئيسها الشيخ عبد السلام غالي – مدير أوتيل مكة

2-     شعبة المدينة المنورة     ورئيسها السيد حسن عزي – المحامي

3-     شعبة جدة       ورئيسها الشيخ محمد حسين نصيف

غير أن الدراسة قالت إن الإخوان لم يكن لهم عمل منظم في المملكة لوضعها، لكن كان لهم أناس وأفراد كثر ينتمون للإخوان بشكل فردي من أمثال أحمد محمد جمال الذي أوكل إليه الإخوان كتابة رسالة الحجاز، وهي صفحة من مجلة الإخوان المسلمين في الأربعينيات خصصت للحديث عن الأرض المقدسة وما يأمله الإخوان تجاهها، وكان يوقع عليها باسمه في أول الأمر.

وقد كان بعض الحجازيين يتحمسون لما يقوم به الإخوان من أعمال، ويعلنون انتسابهم لدعوتهم، كما حدث من السيد عبد الرحمن المدني مدير مدرسة التهذيب بالمدينة المنورة، وكان الإخوان يرحبون به على صفحات جرائدهم، لكنه بقي شعورًا فياضًا، وعاطفة متدفقة وحسب.

صحيفة أم القرى

واستدعت الدراسة في البحث صحيفة “أم القرى”، والتي وضع حجر أساسها الملك عبد العزيز آل سعود، حيث خرج أول عدد منها يوم الجمعة 12 ديسمبر 1924م، حيث اعتبرت إحدى الصحف الرسمية ولمدة ٣ عقود بمثابة المرجع الأساسي والموثوق للثقافة والفكر والأدب والتاريخ للدولة السعودية منذ نشأتها.

فعلى الرغم من كون الشيخ حسن البنا وجماعته مجهولين– على حسب ادعاء الباحثين السعوديين والإماراتيين والمصريين المعاديين للإخوان– إلا أن صحيفة أم القرى– الصحيفة الرسمية للدولة السعودية آنذاك– اهتمت بالشيخ حسن البنا وجماعته، فنشرت تحت عنوان: “على الرحب والسعة” تقول: “وصل على الباخرة كوثر التي أقلت الفوج الأخير من الحجاج المصريين كثير من الشخصيات المصرية المحترمة.. نذكر منهم الأستاذ الكبير حسن أفندي البنا المرشد العام لجمعية الإخوان المسلمين، والمدرس بالحكومة المصرية”، وذكرت نحو 7 أعضاء آخرين من المسؤولين البارزين بأسمائهم ومواقعهم في الجماعة.

ونشرت الصحيفة قصيدة انبثقت عن ندوة إسلامية أدبية أقيمت في “أوتيل مكة”، شارك الإخوان فيها من خلال محمد أفندي عبد العزيز خاطر الذي ألقى قصيدة بعنوان: كفانا لنيل العز دين محمد، وقد نشرتها صحيفة أم القرى والتي جاء فيها:

وقفت على الإخوان روحي ما دعوا               إلى الله لم يخشوا نذيرًا وجاهدا

إذا مدت الآلام في الحق لي يدا          مددت لها من كل جارحة يدا

أجيبوا شباب العرب دعوة صادق         فإن سعيدًا من يلي دعا الهدى

وهبوا فقد نمتم وطال رقادكم              فهذا ضياء الشمس للعين قد بدا

وبعد انتهاء مراسم الحج، دعا الشباب العربي السعودي لحضور حفله السنوي المقام بمنى، وكان حاضرًا عن مصر الدكتور محمد حسين هيكل، وألقى الشيخ حسن البنا كلمة نقلتها جريدة أم القرى كاملة تحت عنوان [خطاب الأستاذ الكبير حسن أفندي البنا] ، وكانت هذه هي الزيارة الأولى للشيخ البنا وإخوانه إلى السعودية، والذي لاقى ترحيبًا سواء في الأوساط الرسمية أو الإعلامية السعودية.

مؤتمر الإخوان

وبعدما أقر الإخوان لائحة الحج الجديدة في عام 1944م، قرروا أن يوفدوا بعثة رسمية للأقطار الحجازية للحج، تمثلهم وتدعو لفكرتهم، وتوثق الصلات بينهم وبين الزعماء العرب والمسلمين، وكان على رأسها الشيخ حسن البنا.

وأقام الإخوان مؤتمرا عاما لأول مرة بعدما انتهت مناسك الحج وقبل أن يغادروا إلى مصر، وحضر وزراء ووجهاء المملكة السعودية وعلى رأسهم الأمير منصور وزير دفاع المملكة، والأمير عبد الله الفيصل نيابة عن الملك عبد العزيز، كما حضر كبار رجال الأعمال بمكة والقائمين بشئونها الحكومية والتجارية والعملية، كما دعت الإخوة الأفاضل مبعوثي الأقطار الإسلامية كالهند وفلسطين والمغرب وبلاد الشام.

وخطب في هذا الحفل سعادة صالح حرب باشا رئيس جمعية الشبان المسلمين، والأستاذ نمر الخطيب رئيس جماعة الاعتصام بفلسطين، وشاعر جلالة الملك عبد العزيز السيد أحمد الغزاوي، والشاعر أحمد العربي. وتكلم الشيخ البنا حيث شكر حضور وزير الدفاع ونائب الملك.

ورفع الإخوان وعلماء البلاد الإسلامية بعد اجتماع سعى له الإخوان إلى حكومة السعودية، مذكرة تطالب بإصلاح أمور المناسك، وطريقة استضافة وفود الحجيج، والاهتمام بعمارة الحرمين الشريفين وتنظيمها وتنظيفها، خاصة سقيا الحجيج من زمزم، ووضع مكبرات للصوت.

استقبال خاص

وفي رحلة الحج في نوفمبر1946م، أقام الملك عبد العزيز العديد من مآدب الطعام والاحتفالات لكبار الحجاج، ووجه دعوة خاصة لبعثة الإخوان المسلمين ثاني أيام العيد، فأحسن رفادتهم هو والأمراء، وتحدث الملك مع الإمام البنا حول قضية فلسطين وكيفية حلها، فقال له الإمام البنا: إنه لا يفضل تدخل الدول العربية بجيوش منظمة، بل يجب مساعدة القبائل الفلسطينية في حرب العصابات وإمدادهم بالسلاح، وقد سر الملك بذلك الرأي،  كما أقام أخو الملك مأدبة عشاء للإخوان”.

وأقام الإخوان بعض الحفلات للترحيب برجال الدولة السعودية، فقد أقامت بعثة الحج للإخوان المسلمين حفل شاي في فندق بنك مصر بمكة المكرمة حضره الأمراء وكبار رجال الحكومة والحجاج البارزين من مختلف البلاد.

وفي رحلة الحج الأخيرة للشيخ البنا عام 1948م حرص أيضا على إقامة احتفالا حضره الأمراء والوزراء السعوديين وأمراء الحج، وبعدها لم يسافر الشيخ البنا للحج مرة أخرى حيث تم حل الجماعة قبل أن يغتال في 1949م.

ما بعد البنا

وقالت الدراسة إن صلة الإخوان بالسعودية لم تنقطع بعد استشهاد البنا، بل ظلت العلاقة طيبة بين الطرفين حتى أنه أثناء فترة المستشار حسن الهضيبي قام في يونيو عام 1954م بزيارة للسعودية حيث أكرم الملك عبدالعزيز وفادته وزوده بطائرة لنقله للشام.

كما زاد نشاط الإخوان في السعودية بشكل واضح في فترة حكم الملك فيصل بن عبد العزيز ملك السعودية في الفترة بين (1964 – 1975)، خاصة حينما حكم عبدالناصر على الشهيد سيد قطب ورفاقه بالإعدام شنقا، حيث حاول الملك فيصل التدخل لدى عبد الناصر لتخفيف الحكم غير أن عبد الناصر تجاوز عن ذلك واعدم سيد قطب ورفاقه، مما دفع الملك فيصل بطباعة مؤلفات الشهيد سيد قطب ونشرها على نطاق واسع خاصة كتابه في ظلال القرآن الكريم.

بل أن السعودية فتحت أبوابها لجموع غفيرة من الإخوان المسلمين والذين عملوا في المؤسسات التعليمية، ومن أبرز الشخصيات التي عملت فيها الشيخ مناع خليل القطان (الذي أصبح فيما بعد الأب الروحي للإخوان في المملكة)، والشيخ عشماوي سليمان، ومصطفى العالم.. وعبد العظيم لقمة وغيرهم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...