دراسة: العاصمة الإدارية.. كثير من الضبابية والأرقام المتضاربة

قالت دراسة، إن معدلات النمو الأخيرة التي حققها الاقتصاد المصري هشة؛ بسبب اعتمادها على قطاعات خدمية مثل العقارات والاتصالات.

وأضافت الدراسة، التي نشرها الشارع السياسي بعنوان (العاصمة الإدارية الجديدة بين الجدوى والأولوية)، أن حجم الاستثمار الذي تضخه الحكومة المصرية في هذا المشروع العقاري، من المتوقع أن يصل إلى ما يقرب من 45 مليار دولار، وبذلك يعتبر المشروع العمراني الأكبر تاريخيا. مشيرة إلى أنه من المتوقع أن تتحملها الميزانية العامة بمبلغ يقارب الـ140 مليار جنيه، أي ما يقرب من 8 مليارات دولار.

وأوضحت أن ذلك يأتي في الوقت التي تعاني فيه الموازنة العامة من عجز مالي، والتزام الحكومة المصرية باتخاذ إجراءات تقشفية واسعة عن طريق رفع الدعم عن السلع الأساسية لأغلب المواطنين المصريين، وهي الإجراءات المدعومة من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين.

الضبابية والتضارب

وقالت الدراسة، في تحليل الخطاب السياسي عن العاصمة، إنه منذ الإعلان عن بداية مشروع العاصمة الإدارية، وثمة الكثير من الضبابية والأرقام المتضاربة المحيطة بالمشروع، حيث لم تعلن حتى الآن الميزانية النهائية أو تكاليف المرافق بشكل واضح من قبل شركة العاصمة الإدارية. تأسست الأخيرة بموجب قانون يتيح لهيئة المجتمعات العمرانية (هيئة حكومية) وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للجيش تأسيس وإدارة الأصول الثابتة والمنقولة لكل ما يقع في نطاق العاصمة الإدارية الجديدة. تمتلك هيئة المجتمعات العمرانية 49% من رأسمال شركة العاصمة مقابل 51%، تمثل نصيب القوات المسلحة (جهاز الأراضي وجهاز الخدمة الوطنية).

ولفتت إلى أن ذلك يتيح دخول الجيش وإضفاء المزيد من انعدام الشفافية على المشروع، فحتى لجنة الخطة والموازنة في البرلمان لن يُطلعها الجيش على موازنة العاصمة الإدارية، فبحسب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة في البرلمان، الذي نقل عنه موقع مدى مصر أن المجلس لن يتم إطلاعه على موازنة شركة العاصمة الإدارية الجديدة، لأن هيكل ملكية الشركة يشمل جهات تابعة للقوات المسلحة (جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية)، بالإضافة إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، التابعة لوزارة الإسكان، وهو ما يعني أن ما ينطبق على موازنة القوات المسلحة من قواعد ينطبق على موازنة شركة العاصمة الإدارية، وكما لا يمكن لمجلس النواب مراجعة تفاصيل موازنة القوات المسلحة، فلا يمكنه الاطلاع على موازنة شركة العاصمة الإدارية.

إعلانات كاذبة

وكشفت عن أنه في ظل هذا تستمر الحكومة المصرية، وعلى رأسها السيسي، في تصدير خطاب إعلامي مفاده أن العاصمة الإدارية لن تكون عبئا علي الموازنة العامة للدولة، وأن أموالها بالكامل خارج الموازنة. وهو ما يطرح إشكالية مزدوجة حول فهم ما هو المقصود بالأموال العامة في الموازنة والأموال العامة خارجها. فالأراضي التي تستخدمها الحكومة لتوفير موارد مالية للعاصمة الإدارية هي نفسها أصول عامة لكنها غير مدرجة في الموازنة، وتقترض هيئة المجتمعات العمرانية والحكومة بضمان تلك الأصول. يشير هذا أيضا إلى مشكلة محاسبية تتعلق بشمول وثيقة الموازنة العامة المصرية نفسها والتلاعب الموجود فيها من خلال متاهات قانونية كثيرة.

وأضافت أن تكلفة الترفيق، أي بناء المرافق الأساسية والطرق لرفع قيمة وسعر تلك الأراضي، تتحمل على الأقل نصفها هيئة المجتمعات العمرانية، والتي بدورها هي داخل الموازنة العامة وترحل فوائضها وأرباحها السنوية لباب الإيرادات في الموازنة العامة. في نهاية إبريل الماضي أيضا أعلن وزير الإسكان عاصم الجزار عن تفاصيل قرض صيني بقيمة 3 مليارات دولار لتمويل إنشاء منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية.

ومن المعروف محاسبيا أن القروض التي توقعها الجهات الحكومية تدخل في الموازنة العامة وتسدد قيمتها من أموال ضرائب المصريين في الموازنة العامة، وارتفع حجم فوائد الديون فقط في الموازنة الأخيرة لما يقرب من 45% من الإيرادات.

وكشفت عن أن ذلك جعل خطاب “العاصمة الإدارية خارج الموازنة العامة” خطابًا واهيًا، فالأموال المنقولة والأصول الثابتة التي تستغل في المشروع هي تابعة بشكل أو بآخر للموازنة العامة.

استهلاك سياسي

وخلصت الدراسة إلى أن الهدف الأساسي من خطاب الحكومة المتعلق بأن المشروع خارج الموازنة هو الاستهلاك السياسي لا أكثر، خاصة في الوقت التي تشتد فيه الأزمة الاقتصادية وتقل مخصصات الأدوار الاجتماعية للدولة في قطاعات أساسية كالتعليم والصحة، وهو ما يجعل المواطن يتساءل حول جدوى الإنفاق على العاصمة الإدارية، خاصة في ظل عجز الموازنة الذي يعانيه الاقتصاد المصري.

وأوضحت أن مشروع النهر الأخضر الذي أعلنه السيسي في العاصمة، يأتي في الوقت الذي تعاني منه مصر من أزمة مائية من أكثر من عقد حتى قبل مشروع سد النهضة، ويحصل المواطن المصري في المتوسط على ما يقارب نصف معدل الفقر المائي العالمي.

وأضافت أنه بعد حادث محطة رمسيس، والذي راح ضحيته ما يقرب من 25 مواطنا مصريا، ازدادت حالة السخط على قطار العاصمة الإدارية السريع، وهو المشروع الذي من المفترض أن يتكلف 1.2 مليار دولار، عبارة عن قرض من أحد البنوك الصينية، وهو أيضا من القروض التي تدخل فوائدها في الموازنة العامة كل عام.

العاصمة الادارية

انعدام الشفافية

وحذرت من أن هناك غيابا واضحا أيضا للشفافية فيما يتعلق بمشروعات أخرى أثارت سخط المصريين، مثل مسجد الفتاح العليم وكاتدرائية المسيح، اللذين تم افتتاحهما في يناير الماضي بتكلفة لم تعرف حتى الآن.

وأن اللواء كامل الوزير صرح في أثناء الافتتاح أن تكلفة الإنشاء هي من التبرعات، وأن 25% فقط من مستحقات الشركات تم دفعها. وماذا عن المتبقي؟ ماذا في حال فشلت التبرعات في جمع المتبقي؟ هل ستتحمل الموازنة العامة تكلفة هذا الإنشاء؟ لا أحد يعرف فهناك غياب كبير للمعلومات حول مشروع بتلك الضخامة.

وحذرت الدراسة من الاقتراض الذي يمثل عبئا أكبر على الميزانية العامة، وهو ما دفع بالدين العام المصري لأن يتخطى حاجز 92% من الناتج المحلي في العام الماضي. لكن أيضا ثمة خطورة أكبر في الاقتراض من الصين، ففي الوقت الذي تعمل فيه الصين على تعزيز حضورها في القارة الإفريقية من خلال الديون، وفي الوقت التي تتعثر فيه دول مثل الكونغو وزامبيا في سداد القروض الصينية، تتجه الحكومة المصرية للاقتراض من البنوك الصينية لتمويل المشروع، وهو ما يضيف مخاطرة كبيرة بالإضافة لمخاطرة الديون نفسها.

FacebookTwitterارسال ايميل

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...