الإهمال الطبي المتعمّد.. نهج العسكر في تصفية الخصوم السياسيين

تتعمّد القوى العسكرية الانقلابية العميلة اغتصاب إرادة الشعوب، لذلك تجدها تنفذ كتالوج المحتل في قنص الأرواح، فمن لم يمت بالرصاص مات بغيره من الوسائل، وأنجعها- برأي العسكر- تعمد إغلاق المستشفيات أو منع العلاج عن المصابين، كما أعلن قبل قليل من مساء اليوم الأحد، تجمع المهنيين السودانيين الذي اتهم المجلس العسكري بتعمد إغلاق المستشفيات، محملًا إياه مسئولية وفاة أي مريض أو مصاب.

وأدانت لجنة أطباء السودان تكدّس أرتال الجرحى والمصابين في المستشفيات الحكومية والخاصة، التي تعاني شحًا شديدًا في تقديم الخدمات الطبية من محاليل وريدية وأدوية منقذة للحياة، وشحًا في الكادر الطبي.

ونددت “اللجنة” بما وصفته بـ”التضييق الممنهج الممارس على الأطباء والكوادر الطبية.. مع محاولة سد الطرق أمامهم من الوصول إلى المستشفيات، ومن ثم مهاجمتهم داخل المؤسسات الصحية عند معالجة أبناء شعبهم، وإغلاق 5 مستشفيات رئيسية كليًا، ما قد يؤدي إلى فقدان المزيد من الأرواح”.

وفي مايو الماضي، قالت حركة تحرير السودان- قيادة مناوي: إن أحد معتقليها لدى السلطات السودانية توفى الاثنين نتيجة الإهمال الطبي. وأوضح المتحدث باسم الحركة محمد حسن هارون، في بيان، أن عامر عبد الله آدم توفي بسجن الهدى في أم درمان بسبب إهمال إدارة المعتقل للرعاية الطبية.

وأشار إلى رفض النظام السابق والمجلس العسكري الحالي النظر في أمر الفقيد، وغيره من المرضى الذين ظلوا منذ فترة يعانون تدهورا صحيا دون عرضهم على الأطباء.

شهداء يوميًّا

وفي مصر ارتقى صباح اليوم معلم الفيزياء، عبدالرحمن ضيف، 59 عاما، من محافظة الشرقية جراء جلطة دماغية رفضت على إثرها سلطات الانقلاب إطلاق سراحه وتعنتت نيابة الانقلاب في الإفراج عنه رغم حالته الحرجة، فمات بمحبسه ونقل في لحظاته الأخيرة للعناية المركزة بمركز ههيا ليرتقي شهيدا.

كما ارتقي قبل أيام المهندس محمد العصار، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، شهيدا جراء الإهمال الطبي المتعمد داخل محبسه بسجن برج العرب.

يأتي هذا في إطار جرائم العسكر المستمرة منذ انقلاب 3 يوليو 2013؛ حيث كشفت منظمات حقوقية عن وصول عدد المعتقلين في سجون الانقلاب إلى أكثر من 60 ألف معتقل، مشيرة إلى وفاة أكثر من 3 آلاف مواطن خارج القانون، منهم أكثر من 500 حالة بسبب الإهمال الطبي المتعمّد داخل السجون ومقار الاحتجاز، ولفتت إلى ارتفاع أعداد النساء المعتقلات إلى 82 سيدة وفتاة.

العلاج أو الإفراج

وأطلقت منظمات حقوقية، في مايو الماضي، مناشدة بعد الإهمال الطبي في سجون العسكر بعنوان: “يا تعالجوهم يا تفرجوا عنهم”.

وقالت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، في تقرير صادر عنها تحت عنوان “السجون المصرية.. مقرات احتجاز أم مقابر؟”.. بعض تفاصيل حالات التعذيب وأساليب المعاملة غير القانونية داخل السجون المصرية.

وأصدر مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب بالاشتراك مع المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في وقت سابق، تقريرا تحت عنوان “يا تعالجوهم يا تفرجوا عنهم”، رصد فيه الانتهاكات التي تحدث بسبب الحرمان من الرعاية الصحية في السجون المصرية، والتي باتت شكوى شائعة من المحتجزين وأسرهم على السواء، وتمثل انتهاكًا للحق في الصحة للمحتجزين.

كما قدم التقرير نماذج من شهادات السجناء وذويهم عن الرعاية الصحية المتلقّاة أثناء محبسهم، وتناول واقع الأوضاع الصحية داخل سجن برج العرب باﻹسكندرية، وسجن طره وسجن العقرب وسجن القناطر للنساء وسجن قوات الأمن في دمنهور، فضلا عن تقديم 14 شهادة تم توثيقها خلال فترة الرصد من 2014 إلى 2016.

فيما يأتي سجن العقرب على رأس أماكن الاحتجاز التي وقعت فيها حالات الوفاة ثم سجن الوادي الجديد، وسجن برج العرب وسجن جمصة وغيرها من مقار الاحتجاز التى وثقتها المنظمات الحقوقية، والتي تؤكد أن أسباب الوفاة تكون نتيجة للإهمال الطبي، لتجتمع على المعتقلين من أصحاب الأمراض المزمنة كالسرطان والكبد والقلب آلام الاعتقال وآلام المرض دون الحصول على علاج.

علياء عبد النور

ومن أشهر من قتلهم العسكر ومحور الثورة المضادة بالإهمال الطبي، الإماراتية علياء عبد النور، التي قتلتها سلطات بلادها بالإهمال الطبي، وهي مقيدة في سريرها بمستشفى ملحقة بالسجن الذي كانت محتجزة به.

ففي 4 مايو الماضي، توفيّت علياء عبد النور بعدَ انتشار مرضِ السرطان في جسمها. وادعت النيابة العامة أن علياء توفيت في إحدى مستشفيات إمارة أبوظبي بعد أن رفضت تلقي العلاج المقدم من الدولة، ونفى المتحدث الرسمي باسم النيابة العامة أحمد الحمادي، ما تداولته بعض وسائل الإعلام التي وصفها بـ«المشبوهة والمغرضة والمناهضة للدولة» حول ملابسات وفاة عبد النور، مؤكدًا أنها توفيت في قسم الأورام بمستشفى “توام” التخصصية في مدينة العين التابعة لإمارة أبوظبي.

ورغم وفاتها بالإهمال الطبي المتعمد، ادعى المتحدث باسم النيابة العامة أنها روجت لفكر تنظيم القاعدة من خلال حسابات على المواقع الإلكترونية.

بالمُقابل أصدرَ مركز الإمارات لحقوق الإنسان الذي يتخذُ من المملكة المتحدة مقرًا له بيانًا، قالَ فيهِ إن “معتقلة الرأي الإماراتية فارقت الحياة بعد صراع طويل مع مرض السرطان وهي مقيدة داخل مستشفى “توام” بالإمارات العربية المتحدة.. لقد بقيت مقيدة إلى سريرها في ظروف غير إنسانية داخل المستشفى لآخر لحظة حتى توفيت”.

واعتقلت علياء في 29 يوليو 2015 من محل إقامتها في إمارة عجمان، ثم تعرضت للاختفاء القسري في مكان مجهول لمدة أربعة أشهر دونَ السماح لها بالتواصل مع أسرتها، كما لم تُفصح السلطات الإماراتية عن أي معلومة تخص مصيرها لأي جهة كانت بالرغمِ من المطالبات الحقوقيّة بذلك.

وعُرضت علياءُ فيمَا بعد على الجهات القضائية المُختصّة فتمّ اتهامُها بـ«تمويل الإرهاب» و«التعامل مع إرهابيين خارج البلاد» قبلَ أن يحكم عليها بالسجن 10 سنوات.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...