مستشار باسم عودة يكشف بالأرقام مغالطات أبواق العسكر حول «إسراف المصريين»

أكد الدكتور عبد التواب بركات، الخبير الاقتصادي ومستشار وزير التموين والتجارة الخارجية الأسبق، أن اتهام السيسي للمصريين بالإسراف- والذي تزامن مع حملة إعلامية لصحف أجنبية وقومية تُظهر إسراف المصريين في استهلاك الطعام خلال شهر رمضان- يعد استراتيجية لمواجهة تمرد الجماهير والسيطرة عليهم، من خلال إشعارهم بالذنب وجعل الفرد يظن أنه المسئول الوحيد عن فقره وتعاسته لسبب فيه هو، سواء كسله ونقص قدراته أو إهماله واستهتاره، وليس الحاكم الفاسد والرئيس الفاشل. وهكذا، بدلًا من الثورة على النظام، يتشتت المواطن ويمتهن نفسه ويشعر بالذنب، وهو ما يولد في الجماهير الاكتئاب والسكون بدل الحركة والثورة.

وفي مقال لبركات نشرته “الجزيرة نت” بعنوان “حقيقة إسراف المصريين!”، استغرب تأييد بعض مشايخ السلطان لادعاءاته، وقال: “لم يلفت نظر المشايخ كل هذا التبذير، الذي هو إنفاق للمال فيما لا ينفع، وهو جريمة في حق المال العام، لا تقارن بالإسراف الذي يرمي به السيسي المصريين، فهو إن صح فزيادة في النفقة على حاجات ضرورية ومن مال صاحبه الخاص”.

الرد على مغالطات

وأوضح أن دوريات الصحف الأجنبية والمصرية الموالية للانقلاب ضخّمت من إنفاق المصريين على الغذاء، وأوضح أنه بفرض دقة الأرقام التي تحاول التقارير السابقة تضخيمها، فإنها تعني أن المواطن المصري ينفق 400 جنيه على الطعام في شهر رمضان، بمعدل 14 جنيها في اليوم، وهو مبلغ لا يكفي سوى وجبة واحدة من الفول والطعمية.

وأضاف “وبحسب التقرير، يستهلك المواطن 3.6 أرغفة خبز في اليوم، ولُقمتي فول بمعدل 14 غراما في اليوم، ونصف كيلو أرز في الشهر، وأقل من نصف دجاجة في الأسبوع، ما يكشف عن حجم البؤس والفقر الذي يعيشه المصريون في شهر الصيام، وليس الإسراف كما تحاول تصويره”.

وتابع “وبافتراض أن استهلاك المصريين يزيد في رمضان بمعدل 70%، فهذا يكشف معاناتهم في غيره، إذ لا يتجاوز ما ينفقه أحدهم على الطعام عشرة جنيهات في اليوم، وهو مبلغ لا يكفي لإطعام طفل صغير!.

صحيفة بلا فبركة

وأشار إلى تقرير دوّن فبركة عن حال المصريين الحقيقي، نقلته صحيفة التايمز البريطانية بدون فبركة للأرقام ولا مجاملة للحكام، في مقال بعنوان: “فقراء مصر يفطرون في رمضان على بقايا الأطعمة المتعفنة”، ورصدت في التقرير كيف أن عشرات الملايين من السكان في مصر يعيشون في فقر مدقع طال 60% منهم، وأن العديد من سكان القاهرة يفطرون على بقايا الأطعمة، والبطاطس القديمة، وعظام الدجاج، والجبنة المتعفنة التي تباع للفقراء في سوق مدينة كرداسة جنوب القاهرة.

وأشار إلى أن ذلك المقال يحكي عن موظف حكومي قوله: “إن شراء دجاجة كاملة يعد قرارا متهورًا، بالرغم من أن راتبه الشهري 2000 جنيه، 117 دولارا، وهو راتب لا يحظى به كثير من المصريين لكنه لا يكفيه، لذا فهو يشتري كيلو غرام واحد فقط من أرجل الدجاج ورقابها وأجنحتها مرة في الأسبوع لإطعام أولاده الثلاثة”.

لوم للمشايخ

وقال إن المشايخ يخدعون المواطن وينافقون الحاكم، ولا ينتقدون الفشل الحاصل في كل مناحي الدولة، وضرب لذلك مثلا عندما وبخ السيسي شعبه ويقول لهم: “احنا فقرا أوي”، ثم يفتتح مشروع إسكان لهؤلاء الفقراء وهو يسير بموكب سيارات فارهة على سجاد أحمر يفترش عرض الطريق وطوله في مشهد إمبراطوري، ثم يحث المصريين على التبرع للدولة والذهاب للعمل مشيًا على الأقدام، ثم لا يتهمه أحدهم بالتناقض ولا بالتبذير.

وكمثال آخر أشار إلى أن السيسي يحفر تفريعة في قناة السويس تكلف المصريين 8 مليارات دولار، وفوائد بلغت 4 مليارات أخرى، بغرض زيادة دخل القناة من 5 مليارات إلى 100 مليار، وبعدها ينخفض دخل القناة إلى 4.8 مليارات، ويبرر هذا الفشل بأنه كان من أجل رفع الروح المعنوية للمصريين، ولا ينتقده أحدهم.

وأضاف أنه يشتري أسلحة بـ26 مليار دولار من روسيا وفرنسا وألمانيا، مع غياب العدو التقليدي، ومعظمها صواريخ أرض جو، وحاملات طائرات لا تناسب الحرب الدائرة في سيناء، ولكن من أجل شراء شرعية دولية، والتغاضي عن انتهاكات حقوق الإنسان المصري، بحسب معهد أستوكهولم لبحوث السلام، ولا ينتقده أحدهم بتضييع الأمانة.

وأشار إلى أن السيسي يقترض ضعف ما اقترضته الدولة في 50 سنة، ويرفع الدين الخارجي إلى 100 مليار دولار، بدون أي مردود اقتصادي، منها 27 مليار دولار من روسيا نظير بناء مفاعل نووي لتوليد الكهرباء، بالرغم من وجود فائض قدره 25% عن الاستهلاك، ولا ينتقده أحدهم بالسفه والخيانة.

استعراض وتفنيد

وقال عبد التواب بركات: إن ما جاء في مقال الإيكونوميست من أن “الحكومات ترى في إهدار الطعام على نحو ما يفعل توفيق خطرًا أمنيًا، ما يجعل وسائل الإعلام التابعة للدولة حريصة على حث مواطنيها على الحد من الإسراف في الطعام”، يكشف السر وراء الحملة المنظمة لاتهام المصريين بالإسراف في الطعام وتحميلهم مسئولية الفقر الذي يكابدونه.

وكان السيسي قد اتهم المصريين والأمة الإسلامية بالإسراف في الطعام، وقال في احتفالية ليلة القدر التي أقامتها وزارة الأوقاف بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر في الثامن والعشرين من رمضان: “لما يبقى فيه آية في القرآن بتقول كلوا واشربوا ولا تسرفوا.. هل النهاردة يعني، أمة الإسلام، لما نيجي نحطها في وسط أمم العالم، هنجدها إنها هيَ الأقل في الأكل والشرب والإسراف؟!”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...