الرئيس الشهيد.. تكريم لم يسعَ إليه مرسي ولكن الأمة اتفقت عليه

قتل الإمام حسن البنا بعدما أظلم الطغاة شارع رمسيس بالكامل أثناء مرور سيارته، وقطعوا الكهرباء ليتمكن القتلة من إتمام جريمتهم في الظلام، ولاحقا امتنع المستشفى عن تقديم أي إسعاف له وترك جسده ينزف حتى الموت، فبكته الأمة ونال شرف التكريم بالإمام الشهيد، وبعد قطار البنا دخل قطار الكاتب والمفكر الإسلامي والمحلل السياسي العبقري سيد قطب محطة الشهادة.

ونال الأستاذ سيد قطب التكريم عن استحقاق بعدما ثبتت أقدامه ولم تذل أمام وعيد وترهيب وإغراء طاغية العسكر جمال عبد الناصر، ورفض أن يحني جبهته لطاغية قام بانقلاب غاشم، وسفك دماء المصريين ظلما، وفتح عليهم جحيم المعتقلات وسلخانات التعذيب، وكان جسرا عبرت فوق ديكتاتوريته مطامع السوفييت والأمريكان والصهاينة.

الرئيس الشهيد

ودون توقع ذهب قطار الرئيس محمد مرسي إلى ذات الاتجاه، لكن ذهابه لم يكن عاديا بعدما نال تكريم الرئيس الشهيد، كشف الله به سوءات، وأقام الحجة على الظالمين، كل من موقعه، وحسب شدة ظلمه، ينتظرهم هناك في جولة أخيرة من جولات المحاكمات، للنطق بالحكم الأخير، وللأبد.

وأقام الحجة أيضا على المظلومين وسكوتهم المريب؛ إذ أحنوا ظهورهم للظالم كي يركبها ويظل فوقها يُسيرها على هواه، وأقام الحجة على أعداء الأمة من أبنائها أولا، أغيلمة الخليج وسفهاؤه، وأذناب التشكيلات التنظيمة والإيديولوجية من إسلاميين ويساريين وقومجيين وعلمانيين.

تمسك الرئيس الشهيد منذ اعتقاله في مطلع سبتمبر 2013 بموقفه الذي أكد من خلاله على عدم دستورية محاكمته وأنه الرئيس الشرعي للبلاد، لم يتزحزح حتى وفاته عن هذا المبدأ الذي ظل علامة مسجلة باسمه طيلة السنوات الست الماضية، قدم خلالها أروع المثل في الصمود والثبات.

ومن داخل قضبان سجنه وجه الرئيس الشهيد عشرات الرسائل لأنصاره من الشعب المصري طالبهم فيها بالصمود والثبات على الموقف وعدم الرضوخ لإملاءات منفذي الانقلاب، كما قدم دروسا مستفادة عدة للعديد من القضاة فوق منصات محاكمته، الأمر الذي دفعهم لوضعه داخل قفص زجاجي لئلا ينقل صوته المعبأ بالتحدي والقوة للخارج.

تعرض خلال فترة سجنه للعديد من صور التعذيب، النفسي والجسدي، وشحذت أجهزة الإعلام المناوئة للثورة والداعمة لجنرال إسرائيل السفيه السيسي، سنونها للنيل منه وتشويه سمعته عبر عشرات التهم التي تسعى إلى تصدير صورة الخائن المفرط لتراب وطنه، وهي التهم التي استنكرها الرئيس الشهيد، وطالب بمواجهة جلاديه أكثر من مرة، في مناظرة علنية للكشف عن أوجه الخيانة الحقيقية، إلا أنه لم يستجاب لمثل هذه المطالب.

وعلى العكس من ذلك منع الرئيس الشهيد من مقابلة أسرته ولجنة الدفاع عنه، ولطالما ناشد هيئة المحكمة الجلوس مع محاميه، لإطلاعهم على العديد من الأسرار الهامة والخطيرة، بشأن موقفه القانوني والتهم التي يتعرض لها، إلا أن كافة تلك المناشدات لم تأت بجديد، وظل الرجل داخل محبسه حتى موته قبل ساعات.

علامات القبول

يحكي عبدالله نجل الرئيس الشهيد، في منشور له عبر “فيسبوك”: “هذه بشريات نسوقها إليكم في النظرة الأخيرة لنا أسرة الرئيس الشهيد محمد مرسي ونحن نودع جسده إلى مثواه الأخير وتبقى روحه وأعماله وذكراه خالدة ما شاء الله بين أمته وشعبه بالرحمات والدعوات والذكر الطيب”.

وأضاف: “بعد ١٠ ساعات من وفاة الرئيس الشهيد دخلنا علي جسده الطاهر وألقينا النظرة الأخيرة عليه في مستشفى سجن طرة (جنوب العاصمة) قبل تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه رحمه الله”، وتابع: “قد دخلنا على الرئيس الشهيد رحمه الله أول ما دخلنا، جميع أبنائه الذكور الأربع بمن فينا أسامة المعتقل على ذمة قضايا ملفقة بالإضافة إلى حضور عمنا السيد مرسي وابنة الرئيس وزوجته”، بالإضافة إلى عدد كبير من مندوبي أجهزة الأمن.

وأشار إلى أنهم وجدوه “على وجه غير الذي نعرفه عليه كما بدا وجهه شاحبا ومغضبا للغاية”، وكشف عن أنهم رفضوا وجود أي من العناصر الأمنية في مكان غسله، وأضاف: “وبعدما أغلقنا الباب ونظرنا إلى وجه الرئيس الشهيد الذي بدا منذ لحظات عابسا كعادته مع هؤلاء الظالمين وجدناه تغير إلى غير تلك الملامح إذ بدا رحمه الله هادئ الوجه مطمئن الملامح”.

وأوضح أننا “بدأنا بالدعاء له وتوديعه وتقبيله ثم بدأ الغسل وإذا بوجه الرئيس الشهيد وجسده يتغير إلى الوجه المضيء البشوش المبتسم، جميعنا لم يكن يصدق بدا هذا التغير في ملامح وجه الرئيس الشهيد على غير ما كان في حضرة المجرمين والعسكر اذ أصابتنا جميعا الدهشة مما رأيناه”.

وأكد أنه “لم تكن هذه معجزة ولا حياة بعد ممات وإنما يسوق ربنا لنا البشريات”، وتابع: “كلما زدنا جسد الشهيد ماءً وغسلا ازداد وجهه ابتساما وتهللا، وما إن انتهينا من تكفينه رحمه الله ساق ربنا لنا بشرى أذان الفجر الذي نشهد الله أن أبانا رحمه الله لم يضيعه منذ عهدناه أبداً حاضراً في المسجد وفي اثناء سجنه كان يرفع الآذان كل فجر ويصليه حاضرا”.

جثمانه كما هو

ولفت إلى أنه “في هذه اللحظات المباركات تهلل وجه أبانا وازداد بياضاً مما أنزل علينا السكينة وشعرنا بغشيات الرحمات من رب العالمين”، واعتبر أن “هذا المشهد الذي أجمعت أسرة الرئيس الشهيد على مشاهدته جميعا بدا لنا علامة وكرامة من الله يمكن تأويلها برفض الرئيس الشهيد الضيم والظلم بقلبه ولسانه ووجهه ونفسه وقتما كان في يد هذه العصابة المجرمة الخائنة، لم يعطهم وجه الرضا أبدا و بمجرد أن عاد الى أهله كان في رضا وسعادة دائمتين”.

ومع وقت صلاة الفجر وسماع الأذان، وفق عبدالله، “رفضنا أن يحمل جثمانه الطاهر أياً من هؤلاء المجرمين وحمله أبناءه الرجال الأربعة الى المسجد وصلينا الفجر ثم رفضنا أن يصلي عليه أيا منهم، وصلينا على الشهيد الرئيس محمد مرسي وسألنا الله له الشهادة والقبول”.

وتابع: “وحملناه إلى السيارة ورافقه فيها عبدالله وزوجته ومنها أنزلناه مقابر أحبابه مرشدي جماعة الإخوان المسلمين وأعلامها في مدينة نصر حيث وضع بجوار حبيبه ورفيقه الأستاذ الشهيد المجاهد محمد مهدي عاكف والذي نشهد الله أننا رأينا جثمانه كما هو لم يتبدل ولم يتغير رأيناه فكان بشرى على بشرى”.

وكشف عن أنه في الزيارة الأخيرة للرئيس مرسي والتي كانت في سبتمبر سنة 2018 أول من سأل عنه الرئيس رحمه الله وقتها كان الأستاذ عاكف فأخبرناه أنه انتقل الى جوار ربه فقال إنا لله وإنا اليه راجعون ألقاه عند حوض النبي صلي الله عليه وسلم إن شاء الله”.

وتابع: “أنزلنا الرئيس الشهيد قبره وأمطنا الكفن عن وجهه فإذا به نور كالبدر بين الشهداء والمناضلين السابقين”، رحم الله الرئيس الشهيد محمد مرسي والذي ستبقى روحه رفرافة إلى يوم الدين، وستبقى دماؤه لعنة على كل ظالم أفاك سفاك، حتى تستوي الخصوم بين قاضي السماء.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...