مرسي شهيد.. مات واقفا

لم يكن الرئيس الشهيد “محمد مرسى” رحمه الله ساذجاً أو مغفلاً، أوليس لديه الخبرة والحنكة السياسية، كما يحلو للبعض وصفه، ولوكان كما يتوهم هؤلاء ماانقلب عليه المنقلبون؟!

ولكنه كان يريد الكرامة الحقيقية لشعب مصر، بعيداً عن المزايدات والمماحكات السياسية،كان يريد أن يعمر سيناء ويزرعها بالرجال، وهذا مايخشاه العدو الصهيونى،كما ورد فى تصريحات القادة الصهاينة ؛ فهذا هو موشيه دين يقول: إن زراعة سيناء بالصواريخ والدبابات لا يهمنا فما يقلق الدولة العبرية ويهدد بقاءها هو زراعتها بالبشر”،وقال الهالك شارون بعده: “إن تعمير سيناء أخطر على إسرائيل من القنبلة النووية”…

كما أن الرئيس الشهيد مرسى، أصاب كبد الحقيقة التى آلمت أعداء الحرية والإنسانية والعروبة والإسلام،وأصرعلى امتلاك الإرادة بعيداً عن أى إملاءات من أى جهة كانت ،كما ظهر من تصريحاته التى قال فيها : إننا إذا أردنا أن نمتلك إرادتنا، فعلينا أن ننتج غذاءنا ودواءنا وسلاحنا، قائلاً: تلك العناصر الثلاثة هى ضمان الاستقرار والتنمية وامتلاك الإرادة.

مرسى الذى كان على علم بأضلاع الدولة العميقة،من عسكر وشرطة وقضاء وإعلام فاسد، ومرتزقة، كان يعلم ذلك ، لكنه لم يشأ أن يفتح حرباً مع كل هذه الجهات ،التى لايعنيها إلا مصالحها الخاصة، دونما اعتبار لإرادة الشعب واختياراته.

كان يعلم ،رحمه الله،أن طبقة الجنرلات التى حكمت البلاد زهاء ستين عاماً ، كيف تحكمت في مقدرات هذا البلد، و لا يمكن أن تستسلم بسهولة ،وأن الشعب لابد أن يفهم ويعي تلك  الحقائق ويستوعبها ،و لا بد أن يتحلى بالصبر واليقظة فى ظل هذه التحديات الكبيرة ، وفى ظل قدرة الدولة العميقة والثورة المضادة  على التلون والمناورة والالتفاف على مكتسبات الشعب التى تحققت من خلال ثورة الشعب على الفساد الذى ضرب بأطنابه فى كافة المواقع .

كما أنه لامانع لدى هذه الطغمة من أن تستعمل كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتحقيق أهدافها بأى ثمن ، حتى ولو كان الاقتتال والاحتراب الأهلى وافتعال الفتن واختلاق الأزمات وتصوير الأوضاع على أن مصر أصبحت غابة ، عبر الدعايات الكاذبة التى قادها أقباط المهجر، بأن النصارى يتعرضون للاضهاد الديني والتطهير العرقى ، ومن ورائهم بابا الكنيسة الذي يصدق على كل هذه الافتراءات !!

ولكن الحقائق  اتضحت أمام الشعب،الذي غيبته الافتراءات والأكاذيب التي بثها الإعلام المأجور، دون رادع من ضمير أو حتى ارتقاء إلى المهنية في التناول.ليعرف الشعب  بعد ذلك من الصادق المحب لوطنه صاحب المبادئ، من الكاذب المخادع ، وليعرف الشعب – وأظنه قد عرف- من هو المخلص لثورة الشعب،ومن هو المتآمر عليها ، وانكشفت عوراتهم وسقطت عنهم آخر أوراق التوت التى تدثروا بها .

 ومع ذلك صاروا  هم من يمنح صكوك الوطنية لهذا وذاك ، التى تعنى ببساطة شديدة عندهم ،  خيانة الله والرسول قبل خيانة الأمة والوطن، فصارت الوطنية هي السكوت على الفضائح والجرائم ، وبيع الأوطان بأبخس الأثمان، بل صارت الوطنية تمجيد بنى صهيون، حتى القومية التى تغنوا بها لعقود من الزمان سقطت من مفردات قاموسهم فلا ترى إلا تمجيدا لطاغية، وترحيبا بمعتد وتهليلا لحصار ظالم ، وكل هذا يتم باسم الوطنية الزائفة؟!!

وكم ذكرّنى موقف الرئيس الشهيد “مرسى” رحمه الله ،وماتعرض له من تطاول من السفهاء بما نشر فى مجلة المصور ، فى ثمانينيات القرن الماضى بتاريخ 9/12/1983 ل”حسين أحمد أمين”، الذى نشر مقالاً يقطر حقدا ً،هاجم فيه الخليفة العادل “عمر بن عبدالعزيز”، واتهمه بالجهل السياسى

والتخلف والسذاجة إذ يقول: (لم ير الأتقياء في حكم أحد من الخلفاء الأمويين ما يوافق مثلهم العليا، إلا عمر بن عبد العزيز، الذي أسهـم جهلـه بالشئون السياسية في تدهـور أحـوال الدولة ثم سقوطها، وانتقال السلطة من أيدي العرب إلى الفرس!!)

ويستمر فى تطاوله وحقده قائلاً:(وإن المسلمين لا يزالون يمصمصون شفاههم إعجابًا بموقفه من واليه على حمص الذي كتب إليه : إن مدينة حمص قد تهدم حصنها، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في إصلاحه، فرد عليه عمر بقوله : “أما بعد، فحصنها بالعدل).

ويكمل حماقته قائلاً: هذا رد رغم ما فيه من بلاغة تستهوي العرب، فإنه يستوجب المؤاخذة البرلمانية، في أي نظام حكم ديمقراطي).

وهل “عمر بن عبدالعزيز” الذى ساس الأمة فى عصره، سياسة ترتقى لسياسة الفاروق عمر وأولياته السياسية، يصفه هذا العلمانى الحاقد بهذا الوصف .

فقد روى عنه ميمون بن مهران قوله: (إني لأريد الأمر من أمر العامة ـ يقصد ما يتعلق بالجماهير ـ فأخاف ألا تحمله قلوبهم، فأُخرج معه طمعًا من طمع الدنيا .. فإن أنكرت قلوبهم هذا سكنت إلى هذا).

يريد أنه لا يصدر قرارًا من القرارات التي تمس الجمهور مما يرى أنه الحق من الأعباء والتكاليف، إلا ومعها قرار  آخر يتضمن مصلحة دنيوية لهم، فإن أنكروا ذاك آنسوا لهذا، وهذا ما يفعله المحنكون في السياسة إلى اليوم.
فعمر رضى الله عنه لم يكن ساذجا كما توهم هذا العلمانى الحاقد بل كان يعي ما يقول ،لأنه يعلم أن تشييد المباني والأسوار لا تحمي المدن إذا انتشر فيها الظلم ، إنما يحميها العدل بين الرعية

لله درك سيدى الرئيس الشهيد، كنت متبعا لسيرة الخليفة العادل “عمر بن عبدالعزيز”، حذو القذة بالقذة، فاتهموك بالسذاجة والجهل السياسى، طبت حياً وميتا سيدى الرئيس الشهيد، ولاعزاء للحمقى والمغفلين !!

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...