المصريون بين هزيمتين.. الأسعار والكرة

لا يكاد الشعب المصري يخرج من هزيمة حتى يواجه نكبة أو كارثة، وبينهما المشكلات والأزمات المتلاحقة.

فرفع أسعار المواد البترولية بين 16 و30 في المائة، وما ترتب عليه من زيادة كافة أسعار السلع والخدمات والمواصلات، عدّه إعلام الانقلاب انتصارًا وإنجازًا اقتصاديًّا، ونسوا أن كل قرش زيادة في أسعار الوقود يرتد على عموم الشعب جنيهات زيادة في أسعار الطعام والمواصلات والخدمات والمساكن والأدوات المنزلية والمدرسية والدواء وكل شيء.

وبجوار التطبيل الإعلامي الذي لا يمكن وصفه إلا بالجنون الرسمي، جاءت القبضة الأمنية لتكميم الأفواه وخنق أي أحد يشتكي من الأسعار… كما تم فرض إجراءات أمنية على المنشآت الحكومية المهمة والوزارات ومجلس الوزراء وأقسام الشرطة، خوفا من اندلاع أي أحداث اعتراضًا على قرار الحكومة رفع أسعار الوقود.

وأثار القرار موجة من الاستياء والغضب بين شريحة كبيرة من المصريين، لكونه أضرّ بـ”المواطنين ذوي الدخل المحدود” بزيادة أعبائهم المعيشية، في ظل ظروف اقتصادية صعبة، يتحمل ضريبتها محدودو الدخل والطبقة المتوسطة. كما شهدت مخابز المحافظات أزمة شديدة عقب تطبيق الأسعار الجديدة، مع مطالبة أصحابها وزارة التموين بإنشاء آلية تعوّضهم فروق أسعار السولار.

فيما شهدت مواقف السيارات و”السرفيس” في المحافظات مشاجرات بالأيدي بين المواطنين والسائقين، بعد قرار رفع أسعار تعريفة الركوب، وسط اعتراض من الركاب. واعتمد محافظ القاهرة، خالد عبد العال، زيادة بلغت 15 في المائة في تعريفة الركوب بالنسبة لسيارات السرفيس، وسيارات الأجرة (التاكسي الأبيض). وشملت تعريفة ركوب باصات النقل العام، وخطوط “الميني باص” للنقل الجماعي، زيادات تراوحت بين 20 و50 في المائة.

واعتبر الأهالي ارتفاع أسعار “أنبوبة البوتاجاز” والغاز المنزلي “كارثة”، في حين رفع أصحاب المطاعم سعر ساندويتش الفول والطعمية الخاص بالفقراء وأيضا طبق الكشري بنسبة 25 في المائة عن سعره الأصلي.

ورفض الفلاحون رفع سعر الوقود، لكونه سيرفع أسعار الأسمدة بكافة أنواعها، التي تعتمد على الغاز كمكون أساسي في تصنيع السماد، وأن ارتفاع سعر السولار خطر، لكونه يعتمد عليه المزارع في تشغيل الجرارات الزراعية وماكينات الري وآلات الحصاد.

وأكد محمد حماد، أحد كبار الفلاحين في الأقصر، أن جميع الأسعار سترتفع تباعا، لارتباط الوقود بجميع خدمات الحياة اليومية، وأيضًا تعريفة نقل الركاب، والآلات الزراعية، وزيادة تكلفة الإنتاج الزراعي، الأمر الذي سيرهق الفلاحين وسيؤثر سلبا على المحاصيل الزراعية.

واعتبر أن ارتفاع أسعار الوقود سيدمر بيوت الفلاحين ويقلل لقمة عيشهم، منوها إلى أن الحكومة لا تقدّر أن ارتفاع أسعار الوقود والسماد والمبيدات سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية بالكامل، وزيادة تكلفة الإنتاج.

وأضاف حماد أن عودة المظاهرات والاحتجاجات كفيلة بعودة الأمور إلى ما كانت عليه من قبل. وشرح قائلاً: “إن عودة المظاهرات ستعيد البلاد إلى بر الأمان، وليس كما يدّعي النظام بأنها دعوة إلى عدم الاستقرار”. وقال إن عدد الفلاحين يزيد على 10 ملايين مواطن لديهم القدرة على الوقوف في وجه النظام، لكون ما يحدث يشكل ضربة لفرص تحقيق العدالة الاجتماعية، ويزيد من مخاطر وقوع انفجارات اجتماعية وحدوث ثورة جوعى في البلاد.

وفي السياق ذاته، توقّع عدد من خبراء العقارات أن ترتفع أسعار العقارات بكافة أنواعها بنحو 30 في المائة؛ نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء المرتقبة من حديد وإسمنت ورخام وطوب وارتفاع كلفة العمالة، وهو ما سينعكس ضعفا في القوة الشرائية، وهو ما أكد عليه رئيس جمعية رجال الأعمال المصرية الشرفية، المهندس حسين صبور، موضحا أن أسعار العقارات سترتفع بنفس حجم الزيادة في تكلفة المدخلات بسبب رفع الدعم عن الوقود.

الهزيمة الثانية

وفيما تتواصل ردود الافعال الغاضية والهزيمة النفسية الناجمة عن عدم قدرة المصريين للخروج للشوارع للتعبير عن غضبهم من ضياع سبل تحصيل قوت يومهم بسبب الغلاء؛ وذلك بسبب الخوف والقمع الأمني المتصاعد الذي تسبب في قهر المصريين، بجانب تلاعب الإعلام بعقول الشعب من أجل تفويت الغضب.

جاءت هزيمة منتخب كرة القدم التي أدت إلى خروج البلد المنظم من البطولة من دور الـ16، في فضيحة مدوية وأداء مخز، رغم حملات الميديا التي يقف وراءها العسكر ويراهن عليها لتحقيق أي انتصار يغازل به الشعب، إلا أن الفشل في الأداء قبل الخسارة أوقع المصريين في هزيمة ثانية، وعلى العكس من الاعتذار الإعلامي للشعب، بدأت أذرع الانقلاب في الترويج لإنجاز آخر غير الفوز، بالتركيز على إنجاز تنظيم البطولة في 5 شهور، وحفل الافتتاح العالمي، والتنظيم المحكم، والتذاكر الإلكترونية، في مواصلة للتعمية على الخسارة المعنوية والمادية والكروية التي مني بها الشعب.

وقد حاول النظام الانقلابي الترويج بأن الحلم الحقيقي هو في الفوز بالبطولة، ليُلهى الشعب المصري عن الحلم الحقيقي بالحرية والتطور والديمقراطية وحقوق الإنسان كبقية شعوب الأرض.

وهكذا تتوالى الهزائم لمصر في ظل حكم العسكر، هزيمة حضارية بالخروج من التراتيب العالمية والمؤشرات الدولية في الحقوق والحريات والأمن والتعليم والصحة، وأيضا في كرة القدم.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...