مذبحة الغدر بالساجدين.. دماء “الحرس الجمهوري” لعنة تطارد العسكر

كلما حلَّت ذكرى مذبحة الحرس الجمهوري الأولى والثانية يومي 5 و8 يوليو، أدرك من شهدها وتابع تطوراتها أن دماء الساجدين لعنة تتواصل على رؤوس العسكر، تُنغص حياتهم وتكدر أفراحهم حتى يقتص الله لها ممن سفكها؛ لأن الله لا يحب الظالمين ولا يصلح عمل المفسدين، والقانون الإلهي لن يغيره تزييف الحقائق والشعارات الكاذبة ولا كُهن مسيلمة.

بعض المتابعين لآثار انتقام الله من السيسي ونظام العسكر، والذي تجدد في الذكرى السادسة للمجزرة، قرءوا هزيمة فريق مصر لكرة القدم كنتيجة مباشرة لزيارة وزير دفاع العسكر الحالي وقائد الحرس الجمهوري اللواء محمد أحمد زكي، إبان المذبحة، فكانت الهزيمة أمام جنوب افريقيا محققة، لزيارة “زكي” التي كانت بلا معنى، بعدما تمت ترقيته إلى رتبة فريق؛ مكافأة على دوره في الانقلاب العسكري، حيث تم خلع صدقي صبحي وتنصيبه في وظيفته، وكان “زكي” مسئولا عن اعتقال الرئيس الشهيد وتهديده أثناء خطابه الأخير، ثم الشهادة في حق الرئيس مرسي بأنه أعطى أوامر بفض اعتصام الاتحادية ولو بالرصاص.

مشهد العسكر يسيطرون على كل شيء، حتى الكرة، كان الترجمة الحصرية لمذابح بدأت بإجرام العسكر في الحرس الجمهوري.. الجمهور استعاد وعيه وبدأ يقلب في فيديوهات المذبحة، فهتف لأبو تريكة ولم يهتف للسيسي رغم حضوره المباراة.

جديد الذكرى

وتزامنًا مع ذكرى أول مذبحة وقعت بعد انقلاب 3 يوليو 2013، أعلنت مؤسسة “وعي للبحث والتنمية” عن إتاحة موسوعتها التوثيقية الفريدة للجمهور، وهى تتناول عرضًا وصفيًّا دقيقًا لأحداث المذبحة لحظة بلحظة، وما أعقبها من تداعيات وردود أفعال، مع حصر شامل للضحايا من المعتصمين السلميين أمام دار الحرس في هذين اليومين.

وأطلقت مؤسسة “وعي” موسوعتها التوثيقية الأولى من نوعها وأتاحتها للجمهور، وهى تختص بأول مذبحة وقعت بعد انقلاب 3 يوليو 2013، وهي المذبحة المعروفة إعلاميًا بـ(مذبحة نادي الحرس الجمهوري)، والتي سقط فيها 140 شهيدًا و811 جريحًا، إضافة إلى 652 معتقلًا سياسيًّا من المعتصمين السلميين أمام دار الحرس، يومي 5 و8 يوليو 2013.

شهادة ثمينة

معتصمو الحرس الجمهوري الرافضون للانقلاب على الشرعية واغتصاب السلطة من يد الرئيس المنتخب د. محمد مرسي، كانوا ينادون بالإفراج عن الرئيس المختطف من السيسي ومحمد زكي.

ففي 8 يوليو 2013، كشفت مجموعة فيديوهات عن آلاف من المصريين وهم يؤدون صلاة الفجر في جماعة أمام “المبنى”، إلا أن رصاصات الغدر لم تعبأ بالمشهد وسارعت تطلق النيران صوب كل ساجد وراكع وداعِ.

ومن بين الشهادات على صحة هذه الرواية لمن يكذب الواقعة هو مراسل برنامج “صباح الخير يا مصر” على “القناة الأولى” و”المصرية”، الذي سألته المذيعة صباح يوم الثامن والدماء والأشلاء بكل محيط نادي الحرس الجمهوري بامتداد شارع العروبة وشارع صلاح سالم، دخولا لشارع الطيران، عن إفادته بتقرير عن أعداد الضحايا بعد ما وصفته بأنه “هجوم إرهابي” على النادي.

فكان رد المراسل: “محصلش هجوم ولا أي مجموعة إرهابية.. دول شوية معتصمين سلميين وكان منهم النائم ومنهم كتير كانوا واقفين بيصلوا الفجر”.

فقالت المذيعة بالأستوديو: “بس بيان القوات المسلحة بيقول إنهم مجموعة إرهابية قولي كده عندك كام من الضحايا من الجيش أو من المجموعة اللى اقتحمت دى”.

انفجر المراسل بصوته وقال لها: “أنا بقولك دول مجموعة معتصمين سلميين.. لا اقتحموا ولا كان فى أي مجموعة إرهابية.. ولو عندك أوامر إنك متنقليش كلامى ده قوليلى عشان أبطل كلام.. ولو عندك أوامر إنى منقلش الصورة اللى حضرتها من الساعة 4 بعد الفجر وشوفتها بعينى اقفلى السكة فى وشى.. أما لو عايزة تسمعى اللى حصل بالظبط سيبينى أكمل كلامى وأنقلك الصورة ومتقاطعنيش ..”.

ترددت المذيعة وقالت له: “لو عندى أوامر مكونتش كلمتك “.

قال المراسل: “أقسم بالله دول مجموعة من المعتصمين السلميين اللى قاعدين وبينهم وبين السلك الشائك مسافة.. ومحدش منهم لا اقتحم ولا قرب من مبنى الحرس والساعه 4 بدأ الهجوم من قوات الجيش والحرس الجمهورى عشان يفضوا الاعتصام، وسمعنا صوت ضرب من اتجاه من فوق مبنى الحرس واللى ماتوا 34 واحد كلهم من المعتصمين.. والضرب والإصابة كلها فى الرأس أو فى مناطق محددة فى الصدر”. وأضاف، “ولا كان فى مجموعة إرهابية ولا أى اقتحام”.

قالت المذيعة: “المهم إنك بتقول إن اللى ماتوا 34 واحد، قالها أيوة وده تقرير وزارة الصحة والإصابات كلها واضحة.. وإن مفيش أى اقتحام حصل، قالت له شكرا مراسلنا من أمام الحرس الجمهورى”. ولم تعلق بأي كلمة ودخلت على الخبر الثانى الخاص بالمسلماني” .

عسكر كاذبون

كان آلاف المصلين في الركعة الثانية من فجر اليوم العاشر لاعتصامهم برابعة، والثالث من وقفتهم أمام “نادي الحرس” فوجئوا في 8 يوليو، بالرصاص الحي المباشر، من ضباط وجنود أمام النادي وأعلى النادي والمباني العسكرية المحيطة بالمكان، يبتر ويفتت الأطراف ويفجر الرؤوس ويشق البطون والأكتاف ويفقأ العيون دخولا للجماجم.

وابل من الرصاص الحى وقنابل الغاز تنهمر عليهم من الحرس الجمهورى، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى ومئات المصابين، منهم أطفال.

ويطل اسم اللواء محمد زكي، بعدما أكد مجندون سابقون أن الفرقة 51 مظلات هي من نفذت المذبحة ولاحقت المتظاهرين في محيط النادي من مسجد المصطفى وامتداد شارع يوسف عباس وامتداد شارع الطيران الموازي له، غير أن الكثيرين ربطوا بين الفرقة 51 مظلات وقائد وحدات المظلات في عهد طنطاوي، اللواء محمد زكي، الذي انتدبه طنطاوي لاحقا للعمل كقائد لوحدات الحرس الجمهوري في عصر الرئيس محمد مرسي، ليحمي كل القصور الرئاسية، ومراكز القيادة ومطارات الرئاسة.

يسري فودة

وكما يذكر التاريخ مراسل التلفزيون الذي هاله مشهد الدماء والشهداء السلميين، وشعر أن مسئولية الشهادة تقع عليه أمام الله، كان الكذب والتدليس والتزوير شعارا لآخرين.

ومن هؤلاء يسري فودة الذي فضحه أحد فريق إعداد برنامجه “آخر كلام”، الصحفي علي عبدالحليم زلط، الذي قال يسري حرفيا في برنامجه آخر كلام ليلة مذبحة الحرس الجمهوري الثانية: “ايه اللي وداهم هناك، وإن الإخوان بيقتلوا شبابهم لإحراج الدولة” بحسب علي زلط.

واعتبر علي زلط أن مشكلتنا مع يسري فودة ليست فقط تحرشه بالعديد من الحالات على ما في هذه الجريمة من انحطاط، مشكلة يسري مع الكل هي الانسلاخ من كل ما هو أخلاقي وإنساني رغم توهجه .

وأضاف، في منشور له على فيسبوك، “يسري بلغ عن مدير قناة الإخوان حين كان في بيروت وتم تسليمه وترحيله وحبسه في مصر، وطالب على الهواء بتحرك سلطات الأمن لغلق قنوات فضائية مثل التليفزيون العربي ومكملين وطبعا الجزيرة لمجرد أنهم منافسين أو بالأحرى خطهم السياسي مختلف، بالتالي يدعو الجيش والشرطة لإسكات خصومه السياسيين في الخارج بعدما قتلوهم داخل مصر”.

وكشف عن أن “يسري اختار الاحتجاب طواعية حين كانت دماء رابعة تنزف على الإسفلت الساخن وبشر بالسيسي رئيسا، وقال اللهم بلغنا ٣٠ يونيو، ولم ينفك عن مشيمة النظام إلا بسبب تيران وصنافير، وعجبا لمن كان يصدعنا: طول ما الدم المصري رخيص يسقط يسقط أي رئيس.”

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...