ورقة بحثية: كيف تستفيد المعارضة من وفاة الرئيس مرسي في تحقيق اصطفاف وطني؟

خلص أستاذ العلوم السياسية بأكاديمية العلوم الدولية بإسطنبول، د.بدر الشافعي، إلى أن وفاة  الرئيس  مرسي تمثل فرصة كبرى للمعارضة بكل أطيافها من أجل الوصول إلى صيغة اصطفاف وطني تضع الأولوية لاستعادة ثورة يناير، واسترداد المسار الديمقراطي الذي أجهضه انقلاب العسكر في 3 يوليو 2013م، لافتًا إلى أن الوفاة الدرامية للرئيس مرسي ربما تعطي أكسير الحياة وفرصة ذهبية أخرى لقوى المعارضة للخروج من كبوتها وعثرتها، فإن لم تستطع فعليها الرجوع خطوة للخلف، وتقديم آخرين لتصدر المشهد، وإلا فإن حسابها سيكون عسيرا من قبل مؤيديها قبل معارضيها.

وأوضح في ورقة بحثية نشرها “المعهد المصري”، أن المعارضة سواء في الداخل أو الخارج، تعاني من مشكلات جمة، إلا أن أحد أبرز خلافاتها وعدم اصطفافها كانت المتعلقة بقضية شرعية الرئيس مرسي تحديدا، ففي حين يرى البعض أن الشرعية لثورة يناير، يرى آخرون أن مرسي هو أحد مخرجات هذه الشرعية.

وأشار إلى أنه بالرغم من التوصل مؤخرا إلى تفاهمات بهذا الشأن تتعلق بتأجيل طرح هذه القضية باعتبارها قضية خلافية تعرض على الشعب بعد الإطاحة بالانقلاب، إلا أنه ومع رحيل الرئيس مرسي، يفترض أن يغلق هذا الملف نهائيا، والبحث عن اصطفاف وطني حقيقي.

وتابع: هذا الاصطفاف في حالة فشله، سيعني أنه ليست هناك إرادة سياسية لتحقيقه، وأن ورقة مرسي كانت ذريعة من هذا الطرف أو ذاك يلجأ إليها لعدم الاصطفاف. طبعا هنا نحن نتحدث عن المعارضة السياسية الحقيقية التي لديها موقف رافض للانقلاب، أو شاركت في 30 يونيو، وقامت بمراجعات بعدها، أما المعارضة الأخرى الديكورية، أو الوظيفية، فليست محور الحديث الآن.

استعادة الشرعية

ولكنه نزع أمله من أن يستجيب الانقلاب قائلا: “ممارسات النظام المصري حتى اللحظة الراهنة، تشير إلى أنه في معركة صفرية مع خصومه، وأن فكرة التفاوض السياسي غير مطروحة”، واعتبر أنه ليس على المعارضة سوى السعي هي الأخرى لتحقيق ما تنادي به من الثورة على الانقلاب واستعادة الشرعية.

وقال في ورقته التي جاءت بعنوان “التداعيات السياسية لرحيل الرئيس مرسي”: هذه الثورة وهذه الشرعية لها متطلبات كثيرة داخلية وخارجية، أبرزها توافر الإرادة السياسية للتغيير، ثم الاصطفاف الوطني حول مشروع للثورة، هذا المشروع يتطلب بنية فكرية ومؤسسية تقود حملة تصحيح الوعي السياسي لدى الشعب المصري الذي هو وقود أي ثورة، وكذلك السعي لجذب مزيد من القوى الأخرى التي تعمل خارج هذا الإطار، أو تفضل الصمت بسبب القبضة الأمنية.

شرعية ثورة يناير

ومن ملمح آخر رأى “الشافعي” أن الرئيس مرسي كان آخر أوراق شرعية ثورة يناير، سقطت بعد تعطيل الدستور، ووضع دستور جديد، ثم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، صحيح أنها أتت بالسيسي مكان مرسي، لكن ظل هاجس مرسي يؤرقه خاصة خلال زياراته الخارجية، والمظاهرات التي تنظمها قوى المعارضة خلال هذه الزيارات، بل إنها كانت تسبب له إحراجا من قبل المؤسسات الحقوقية الدولية مثل هيومان رايتس ووتش وغيرها. وبالتالي كانت هذه الورقة أشبه بصداع مزمن له، ربما انقشع كثيرا بوفاة مرسي، وإن كانت ملابسات الوفاة، والتكتم الشديد عليها، جعله يدخل في صداع آخر خاص بوجود مطالب دولية بتشكيل تحقيق دولي محايد في ملابسات هذه الوفاة. وأظن أن هذا سيظل سؤالا محرجا للسيسي في تعاملاته الخارجية إن لعب عليه خصومه من قوى المعارضة في الخارج.

تداعي المعتقلين

ورأى أن بروز ملف المعتقلين السياسيين كان الأثر الواضح بعد رحيل الرئيس، حيث قدر أعدادهم بين 60 ألفا ومائة ألف، بحسب منظمات دولية، يضاف إلى أعدادهم الكبيرة سوء المعاملة التي يتعرضون لها في السجون، إذ أن وفاة مرسي نتيجة إهمال طبي متعمد بحسب روايات أسرته، ستلقي مزيدا من الضوء على باقي ملف هؤلاء، وهل سيتم إطلاق سراحهم، أم أن النظام سيجد دائما تبريرا بعدم وجود معتقلين سياسيين لديه، وأن هؤلاء المحبوسين يلقون معاملة حسنة بما في ذلك مرسي نفسه. وهل ستظل هذه التبريرات مقبولة أم لا؟ لا سيما في ظل ما يتردد من أنباء عن تردي الحالة الصحية للدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان، والشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، والمرشح الرئاسي السابق الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وغير ذلك الكثير.

وحذر من أن الاشتباك بين النظام ومعارضيه خاصة من هم في الخارج، إذ سيؤدي فشلهم في هذا الملف، إلى سقوط المزيد من الضحايا من بين هؤلاء، سواء كان السبب إهمالا طبيا، أم عملية قتل ممنهج يصعب التدليل عليها.

دلالة التوقيت

وعن الأثر الثالث، رأى أنه يتعلق بدلالة توقيت الوفاة، كونها تأتي قبل أيام فقط من بطولة كأس الأمم الإفريقية التي تستضيفها مصر حاليا، والتي تم الترويج لها كثيرا خاصة مع مشاركة النجم المصري العالمي محمد صلاح بها، ومعروف أن الكرة هي إحدى وسائل الإلهاء السياسي، وربما سينسى الشعب المصري الموضوع سريعا، لا سيما وأن خبر الوفاة لم يشغل سوى مساحة ضئيلة للغاية في الصحف القومية الكبرى، التي حرصت أيضا على عدم ذكر كلمة الرئيس السابق أو الراحل، للإيحاء بأن من مات هو مجرم سياسي، ينتمي لجماعة إرهابية.

وأشار إلى أن الإعلام في يوم الوفاة سيطر عليه إما استعدادات البطولة الإفريقية، وفي القلب منها المنتخب، أو الانشغال بعرض بعض المسلسلات والأفلام المدرجة في الخطة اليومية، في حين ركز عدد محدود منها على الوفاة من زاوية دينية ومحاولة تشويه مرسي من خلال طرح تساؤل ديني في برنامج عمرو أديب عن مشروعية صلاة الجنازة على الباغي والخائن، في حين عرضت إحدى القنوات الأخرى ملف جماعة الإخوان الإرهابية، لتذكير الناس بأن من مات هو إرهابي استراحت منه البلاد والعباد!.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...