كارثة معهد الأورام.. في مملكة العسكر لا مكان للمرضى والفقراء إلا المقابر

“التفجير والتهجير”.. كلمتان متقاربتان في الحروف إلى درجة التطابق، وهما مفتاح ما يجري في مصر منذ انقلاب جنرال إسرائيل السفيه السيسي، ضد الرئيس الشهيد محمد مرسي، فمن تفجير الكنائس لبث روح الفتنة الطائفية وتبرير القتل والإعدام خارج القانون، إلى تفجير كمائن الشرطة والجيش لطرد سكان سيناء، وتمهيد الأرض لاتفاق القرن اليهودي، وأخيرا تفجير الصروح الطبية القديمة الملاصقة لشريط نهر النيل، لإقامة مشاريع عملاقة تتملكها الإمارات.

اللجوء للتفجير يضرب أكثر من عصفور بقنبلة واحدة: أولًا يمنح المنشأة التي جرى تفجيرها خالصة لعصابة الانقلاب تفعل بها ما تشاء من مشاريع عقارية تنتظر التنفيذ، ثانيا يمنح عصابة الانقلاب مبررا لتضييق القبضة الأمنية والقمع والانتهاكات، ويطلق عجلة الإعدامات في السجون، والتخلص من الأحياء الذين تم اختطافهم وإخفاؤهم قسريًّا، بقتلهم وظهور جثثهم في وسائل الإعلام على أنهم مرتكبو الحادث، ثالثا وضع الشعب في مراهنة عدمية بين نار العسكر وجنة الإرهاب!.

عصابة التفجير

الأمر نفسه حدث مع سكان مثلث ماسبيرو قبل أعوام، لكنه لم يتطلب تفجيرًا؛ لأن المساحة وعدد المنشآت تستعصي على قنبلة واحدة، إلا لو قام طيران السفيه السيسي بقصف المنطقة من الجو، ولم تشفع احتجاجات أهالي ماسبيرو على مخططات تهجيرهم من أماكنهم في قلب القاهرة، وإعادة توطينهم مرة أخرى في المدن الجديدة.

وأُحبطت كل مخططات التهجير والنقل السابقة لهم منذ أيام مبارك، إلا أن عصابة الانقلاب تبدو كأنها تمتلك حظوظًا كبيرة في نجاح مسعاها بالترهيب والترغيب؛ نتيجة للظروف التي تمر بها مصر، وتسمح لها بتحقيق رغبات كثيرة من دون أن تهتم برفض الأهالي أو احتجاجاتهم.

أمَّا في حالة معهد الأورام فالمتضرر هو الشعب المصري برمته، خصوصًا الفقراء منه الذين لا يجدون سريرا ولا جرعة كيماوية إلا في ذلك المكان، أما المرضى أنفسهم الذين يتكومون فوق بعضهم داخل المعهد المكتظ طوال العام، أو أولئك النائمون على الأرصفة ومشاتل النيل أمام المعهد، فأصواتهم واهنة لن تصل بالطبع إلى أُذن أي مسئول في عصابة التهجير والتفجير.

وفي الوقت الذي يصعب فيه حصر عمليات التهجير التي تقوم بها عصابة التفجير، يمكن رصد أشهرها وتمثلت في تهجير 45 ألفًا من أهالي رأس الحكمة بمحافظة مطروح، وإخلاء المنطقة الممتدة من فوكا إلى سيدي حنيش بطول 25 كم لبيعها لمستثمرين أجانب.

وفي الإسكندرية، فوجئ أهالي منطقة مصطفى كامل بانتزاع الجيش منطقة الكورنيش العامة، وبناء منشآت خرسانية عليها تحجب البحر عن السكان وتمنعهم من الوصول إليه، بدعوى تنفيذ مشروع سياحي يتمثل في بناء فندق و20 محلًا تجاريًا.

مسلسل التهجير

وفي القاهرة، هجّرت سلطات الانقلاب سكان منطقة مثلث ماسبيرو الذي تصل مساحته إلى 72 فدانا، بعد مساومات وضغوط شديدة مارستها على الآلاف من سكان المنطقة الذين لم يكن أمامهم تحت الضغط والترهيب سوى ترك منازلهم لتسليم المنطقة إلى الإمارات لإنشاء مشروعات استثمارية فيها.

وتسعى سلطات الانقلاب إلى تحويل 535 فدانًا من المنطقة السكنية بنزلة السمان بعد إخلائها إلى مدينة سياحية وإنشاء 9 فنادق تطل على الأهرامات، و11 ألف وحدة سكنية استثمارية وسط مخاوف السكان من تهجيرهم؛ لأجل منح هذه المنطقة لشركات إماراتية، كما تم إسناد تطوير مثلث ماسبيرو لشركة إعمار الإماراتية، وجزيرة الوراق لشركة.”rsb”

تفجير معهد الأورام قشرة الصراع بين طبقة الأغنياء ويمثلهم العسكر، وطبقة الفقراء والمهمشين وهم غالبية المصريين، حيث يظهر فندق هيلتون رمسيس، المكون من 30 طابقا، ويشتكي بعض السياح الألمان أمام مكتب الاستقبال من الغبار والدخان والتلوث، كما يظهر في بهو الفندق رجال أعمال سعوديون وكويتيون وإماراتيون يعدون بعض رزم الأموال في يدهم.

من الطابق الـ15 للفندق، تسهل رؤية المناطق الفقيرة والمعدمة ومستشفيات الغلابة في القاهرة. وصرح أحد مديري الفندق: “من الجيد أن يجبر هؤلاء الناس على مغادرة المكان”، وأكد أن السياح الأجانب يشتكون دائما من منظر هؤلاء الفقراء أمام الفندق، واستطرد المدير قائلا: إنه “يفضل رؤية مجموعة من الإنشاءات الضخمة أمام الفندق خلال السنوات القادمة”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...