ثورة يناير كشفت عورات العسكر أم عرّت كتف مصر؟!

عزالدين الكومي

عندما تحدث قائد الانقلاب في الندوة التثقيفية للعسكر، أمس، حاول الظهور بمظهر المتماسك والقابض على زمام الأمور، ولكن من الواضح أنه يشعر ببوادر حالة من الانهيار، وبداية النهاية لكل طاغية ظن أن القمع سيحافظ له على الكرسي.

كما أنه فشل في استمالة شيخ الأزهر للوقوف بجواره، بالرغم من المحاولات الحثيثة التى بذلها وسطاء من جانبه لدى شيخ الأزهر، لإصدار رسالة دعم لقائد الانقلاب.

كان شيخ الأزهر قد أخبر الوسطاء بضرورة عدم الزج بالأزهر وشيخه في قضايا سياسية ليس له علاقة بها، ونصحهم بضرورة نصح المسئولين بالتعامل الصحيح مع تلك الأزمة، والسعي لبحث مخاوف وأسباب غضب المواطنين الحقيقية، بدلا من البحث عن رسائل دعم من هنا وهناك.

وجاء ذلك على خلفية تداول فتوى لشيخ الأزهر أصدرها عام 2013، قبيل تظاهرات يوم الجمعة 27 سبتمبر الماضي، التى جاءت تحت عنوان “جمعة الخلاص”، أكد خلالها “الطيب” أن المعارضة السلمية لولي الأمر جائزة شرعا، مشيرا إلى أن العُنْف والخروج المُسلَّحَ على الحاكم معصيةٌ كبيرة، لكنه ليس كفرا.

ولذلك اضطر قائد الانقلاب إلى الاستنجاد بالكنيسة، التي سارعت إلى الوقوف بجواره سواء عن طريق تصريحات قساوسة منافقين، حيث قال أحدهم إن السيسي “مُنزل من السماء” ودعوته للمسيحيين إلى عدم التظاهر ضده، معتبرًا أن من يتظاهر ضده “يقاوم ترتيب الله ونهايته”، أو تواجد هذا القس ضمن الحشد الذي استقبل قائد الانقلاب لدى وصوله مطار القاهرة، عائدا من نيويورك، حيث قال لقائد الانقلاب: “نشكرك أنك موافق تحكم مصر وتحمل مسئوليتنا”.

وحاول التنصل من مسئوليته عن كارثة سد النهضة وإلصاقها بثورة يناير، قائلاً: لو مفيش 2011 كان عندنا فرصة للتوافق على بناء سد النهضة وكل الاشتراطات لتحقيق المصلحة لمصر وإثيوبيا، ولن يكون الأمر أحاديًّا”.

وتابع:” لا أحمل الأمور أكثر مما ينبغي، أقول على الحقائق اللي شايفها.. في 2011 كان هيكون فيه اتفاق قوي وسهل لإقامة السد، لكن لما البلد اتكشف ضهرها وعرت كتفها فأي حاجة تتعمل.. ولو مخدتوش بالكم هيتعمل أكتر من كده”.

وأنا أقول لهذا الرويبضة: لولا ثورة يناير 2011 لكان أقصى ما تتمناه أن تكون محافظا لجنوب سيناء، يتم عزلك مع أول تغيير لحركة محافظين، أو رئيس شركة المياه والصرف الصحى.

وقال: إنه “في مارس 2015 كان هناك لقاء مع القيادة السودانية والإثيوبية، واتفقنا على اتفاق إطاري به 10 نقاط، ونستدعي حاليا نقطتين؛ الأولى أسلوب التشغيل وملء الخزان، في إطار أن أمر ملء الخزان مهم علشان يولد كهرباء ويحتاج حجم معين من المياه، ونتفق أن الملء لا يضر ضررًا بالغا بمصر، واتفقنا في نقطة أخرى أننا إن لم نتوصل لاتفاق واحتجنا وسيطًا رابعا لإيجاد حل، وهذا هو الموضوع باختصار، وهذا المسار الذي نتحرك فيه حتى الآن”، وإثيوبيا ردت بأنها لن تقبل وسطاء لا رابع ولا خامس، وهذه هي الحقيقة.

ثم راح يهرتل كعادته ويكرر الأسطوانة المشروخة، لكن من الواضح أنه يشعر بأن الأرض تهتز من تحته، فحاول استدعاء تنحي عبد الناصر بعد هزيمته في 1967، وأن الشعب طالبه بعدم التنحي وهو مهزوم، للأسف  الشعب كان مغيبا، ومتيمًا بالزعيم الأوحد، زعيم الأمة العربية.

لكن اليوم اختلفت الأوضاع، فلا تراهن على أن الشعب سيطالب ببقائك، رغم الفساد الذى كشفه مقاول الجيش “محمد على”، والذى زكم أنوف المصريين جميعا، إلا المطبلاتية والمرتزقة والإعلام العكاشي.

وحاول أن يُلبس الأمور بقوله: “خلال الشهرين الماضيين كان هدف البعض تشويه الجيش والإساءة إليه.” ولم يسئ أحد إلى الجيش، ولكن الحديث كان عن الفساد والفاسدين في المؤسسة العسكرية وغيرها، والمطالبة بمحاسبة كل من تورط في الفساد.

وأنه يمن على الشعب قائلاً: لم نطلب من الشعب التبرع للجيش من أجل حربه الحالية ضد الإرهاب في سيناء.

في سيناء تم تهجير أهلها، وقتلهم بدم بارد، وقد شاهد العالم أجمع هذه المشاهد، فليس هناك إرهاب ولا كباب، وقد فضح “مسعد أبو فجر” هذا المخطط ولم يرد عليه أحد.

وحاول أن يستعين بـ”حسين طنطاوي”، الوكيل الحصري للثورة المضادة، ومذبحة بورسعيد، ومحمد محمود، وماسبيرو، قائلا: حسين طنطاوي رجل عظيم قاد مصر في أصعب الفترات.

وتحدث عن فيلم الممر، وأنه كان رسالة جميلة للشعب المصري.. وطالب المنتجين والمخرجين بتكرار التجربة كل 6 شهور.

وبمناسبة هذا الفيلم الذى تحدث عنه، كشفت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن تفاصيل الخلاف بين المخابرات العامة والمخابرات الحربية، الصراع بينهما، على إثر نجاح مدير المخابرات العامة المعلم “عباس ترامادول”، في إخضاع الجهازين لسلطته إبّان عمله مديرا لمكتب قائد الانقلاب.

وكشفت الصحيفة عن أن الخلافات بين ضباط الجهازين تدور هذه المرة حول أفلام السينما وإيراداتها، ولا سيما الأفلام التي طرحت في عيد الفطر الماضي.

خلافاتٌ كانت شبه سرية حتى العرض الخاص لفيلم الممر، بتنظيم من إدارة الشئون المعنوية، التابعة للعسكر، الذي يتناول بطولات الجيش إبّان نكسة 1967، وتحضيرات حرب الاستنزاف.

وختم حديثه بقوله: “نحن زائلون ومصر باقية.. وأهم شيء هو وحدة الشعب وصموده أمام التحديات.”

وهذا كله من باب التمثيل العاطفي على الشعب، والشعب لن ينخدع بذلك، فقد نزل الشارع وطالبك بأن ترحل، فلماذا لا ترحل؟.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...