تراجع إيرادات ومصروفات الموازنة المصرية

كشفت بيانات وزارة المالية المصرية عن أداء الموازنة الحكومية خلال العام المالى 2018/2019 المنتهى بنهاية شهر يونيو/حزيران الماضي، إنخفاض كلا من الإيرادات بنحو 47 مليار جنيه، والمصروفات بنقص 54 مليار جنيه عما تم إعلانه بقانون إصدار الموازنة.

وشمل إنخفاض الإيرادات كل أنواع الضرائب من ضرائب دخل وضرائب قيمة مضافة وجمارك، فيما عدا الضرائب على دخول الموظفين التي زادت حصيلتها بنسبة 18 %، حيث يتم تحصيلها بخصمها من المنبع قبل صرف الأجور، بينما ما زالت فئات عديدة متهربة من دفع الضرائب أبرزها المهن الحرة كالأطباء والمحامين والمحاسبين، وكذلك الكثير من شركات الأموال.

وتجاهل إعلام الصوت الواحد بمصر ذلك التراجع فى الايرادات والمصروفات بالأداء الفعلي للموازنة، رغم توسعه في نشر بيانات تلك الموازنة مع بداية العام المالي، والإشارة حينذاك الى زيادة بنودها خاصة فيما يخص مخصصات الدعم وأجور العاملين بالحكومة ومستلزمات إدارة دولاب العمل الحكومي.

بينما تشير البيانات الفعلية الى انخفاض مخصصات الدعم بنسبة 12 % خاصة الدعم الموجه إلى المنتجات البترولية، وكذلك كان انخفاض مخصصات الدعم بالمقارنة بما كانت عليه في العام المالي الأسبق. وأيضا انخفاض مساهمات الخزانة العامة فى صناديق المعاشات بنسبة 30 % في العام المالى الأخير، كذلك بينت الأرقام الفعلية عدم تخصيص شىء لمبادرة حياة كريمة التى أعلن عنها الجنرال المصرى في بداية عام 2019 الميلادي، التي عايشت الموازنة النصف الأول منه. تراجع مخصصات 4 أبواب للمصروفات

كما لم تتضمن الموازنة المعلنة أى شىء لمخصصات دعم المصدرين رغم تكرار وعود المسؤلين وعلى رأسهم رئيس الوزراء بمساندة المصدرين بسرعة صرفه، لتتراكم مخصصات الدعم التصديرى لخمس سنوات متتالية حتى بلغت 22 مليار جنيه.

ومع كبر قيمة العجز الكلى في موازنة 2018/2019 والبالغ 430 مليون جنيه، تأخرت الحكومة فى سداد مستحقات المتعاملين معها من المقاولين وغيرهم، مما يربك السوق الراكد أصلا.

وجاء تمويل العجز فى معظمه من مصادر محلية، بينما كان نصيب الاقتراض الخارجى به حوالي 28 %، وساهمت عدة جهات محلية فى تمويل عجز الموازنة أبرزها البنوك التجارية الحكومية، والبنك المركزى وبنك الإستثمار القومي وصناديق التأمين الاجتماعية.

وشمل إنخفاض المصروفات أربعة أبواب من بين أبواب المصروفات الستة، حيث تراجعت قيمة مخصصات أجور الموظفين والدعم والاستثمارات الحكومية وفوائد الديون، بينما زادت مخصصات شراء السلع والخدمات الخاصة بإدارة دولاب العمل الحكومى من مياه وإنارة وصيانة وغيرها بنسبة تقل عن 4 %، كما زادت المصروفات الأخرى والتى تمثل مخصصات الدفاع معظمها، حيث بلغت مخصصات الدفاع حوالي 62 مليار جنيه.

وتضمن التوزيع النسبى لمصروفات موازنة العام المالى 2018/2019 تصدر مخصصات فوائد الديون المحلية والخارجية بنسبة 39 %، والدعم والمنح والمزايا الإجتماعية 21 %، وأجور الموظفين بالحكومة 19 % والإستثمارات الحكومية 10.5 % والمصروفات الأخرى 6 %، وشراء السلع والخدمات أقل من 5 %.

وهو ما يشير الى ضعف نصيب الإستثمارات الحكومية التى تتجه لبناء المدارس والمستشفيات والطرق والكبارى ومشروعات البنية الأساسية، والتي تعاني من تدهور حالتها خاصة بمحافظات الجنوب والمحافظات الحدودية، مما يطيل فترة إنشاء تلك المشروعات والتى ترتفع تكلفتها بسبب إرتفاع الأسعار.  المواطنون يستكملون فروق العجز

كذلك تدنى نصيب شراء السلع والخِدمات مما يؤدى الى تحميل المواطنين أعباء إضافية، فمع ضعف مخصصات توفير الأدوية والمستلزمات الطبية بالمستشفيات الحكومية التى تدخل ضمن هذا الباب، يطلب الأطباء من أهالى المرضى شراء تلك المستلزمات الطبية على نفقتهم لعلاج أقاربهم.

 كما يؤدى نقص مستلزمات إدارة دولاب العمل الحكومى من أوراق وأدوات مكتبية الى مطالبة المواطنين بشراء الأوراق اللازمة، للحصول على الخدمات الحكومية المطلوبة، وهكذا مع باقي نوعيات سلع وخدمات ذلك الباب، فمع ضعف نفقات الصيانة بالمدارس وقلة المقاعد الدراسية بالفصول المدرسية، تطالب المدارس المواطنين بشراء تلك الكراسي.

كما يشير التوزيع النسبي لمصروفات الموازنة الى تصدر نصيب فوائد الديون الحكومية والتى لا يستفيد المواطن منها، نتيجة كبر حجم الدين الحكومي الداخلي والخارجي، الذي يتجه للتصاعد دون توقف خلال السنوات الأخيرة، مما ينجم عنه زيادة النصيب النسبى لمخصصات فوائد الديون، لتظل تحتل مكان الصدارة، على حساب ضعف المخصصات الموجهة لتحسين أجور العاملين بالحكومة، ولدعم الشرائح الفقيرة وللخدمات الحكومية.

وتشير المقارنة بين البيانات الفعلية لإيرادات الموازنة والأرقام الواردة لها بقانون إصدار الموازنة، الى انخفاض حصيلة الضرائب عموما بنسبة 4 %، وزادت نسبة الإنخفاض الى 18 % بالضريبة على الممتلكات و10 % بالضريبة على هيئة البترول و7 % للجمارك و5 % لضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات.

وهو ما يرتبط بحالة الركود السائدة بالأسواق المصرية منذ تعويم الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكى فى نوفمبر 2016، الذي تسبب في ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية لغالبية المواطنين، مما انعكس على مبيعات الشركات سلبا، وتحول بعضها للخسارة مما أفقد الحصيلة الضريبية جانبا من الحصيلة.

ونفس الإنخفاض كان في الإيرادات غير الضريبية، الخاصة بما تحصل وزارة المالية من فوائض الجهات التابعة للحكومة والتى إنخفضت بنسبة 7 %، وزادت نسبة التراجع الى 95 % فى فوائض هيئة البترول و56 % بفوائض شركات قطاع الأعمال العام و8 % بفوائض هيئة قناة السويس.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...