لماذا ستبيع الحكومة بنك القاهرة؟.. القصة الكاملة

1480238485-klmtyفي ظل محاولات الحكومة المصرية لسد الفجوة التمويلية التي تعاني منها البلاد تأتي الخصخصة كأحد الخيارات السهلة التي قد تعالج الأزمة بشكل مؤقت، ولعل الحديث عن طرح بنوك عامة في البورصة هو أول ما ستلجأ إليه الدولة بحسب التصريحات الرسمية.

وبات ثالث أكبر بنك في مصر قاب قوسين أو أدنى من البيع، إذ إن بنك القاهرة هو واحد من أهم البنوك المصرية التي اعتبرت رمزاً لثورة 23 يوليو 1952، وأول مصرف يتم تأسيسه عقب قيام الثورة ورحيل المحتل البريطاني.

 محاولة بيع بنك القاهرة ليست الأولى فقد سبق أن حاول الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك بيعه، ولكن وقتها اعترض الجميع على الصفة بحجة أنها تمس الأمن القومي المصري وأموال المودعين، ومع الاتجاه لبيع البنك خلال هذه الفترة يبقى السؤال ما الذي تغير حتى لا يكون بيع بنك القاهرة أمن قومي؟!

 “مصر العربية” ترصد القصة الكاملة لبيع بنك القاهرة في البورصة قبل نهاية 2016، خلال هذه التقرير:

 تقوية البورصة

 أعلنت الرئاسة المصرية في يناير الماضي عن أن مصر ستطرح حصصا من الشركات والبنوك الحكومية “الناجحة” في البورصة المصرية خلال الفترة المقبلة، فيما قال محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر، بنهاية مارس الماضي إن المركزي سيطرح في بورصة مصر أواخر هذا العام سيطرح 20% من أسهم بنك القاهرة من خلال زيادة رأس المال في البورصة، قائلا: “نريد تقوية البورصة حتى تكون مصر جاذبة”.

 ولكن هل تقوية البورصة هي الهدف الوحيد من بيع  البنك؟، يرى محللون أن سبب التفكير في بيع بنك القاهرة، هي أن البنك ما يزال يعاني من موجة التعثر التي شهدها القطاع المصرفي في التسعينات، وذلك في ظل سيطرة البنك الأهلي وبنك مصر على معظم التعاملات المصرفية الحكومية، واستحواذهم على ثقة الغالبية العظمى من المواطنين.

 الدكتور أحمد ذكرالله، استاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أكد أن التفريط في أصول الدولة بمثابة هدم لما تبقى من المعبد، مطالبا باستفتاء شعبي لأخذ الموافقة الشعبية على بيع هذه الأصول بصفة عامة والبنوك على وجه الخصوص لأنها تمثل القلب الذي يوزع الأموال في الشرايين الاقتصادية.

 تسارع السقوط

 وأضاف “ذكرالله” خلال تصريحات خاصة لـ”مصر العربية” أن توافر أكثر من تريليوني جنيه كودائع في البنوك يمكن استخدام ربعها فقط في تمويل مشروعات مدروسة تسهم في طريق التنمية الحقيقية بعيدا عن التفريط في مستقبل الأجيال القادمة.

 وتساءل استاذ الاقتصاد: هل تحتاج مصر للتفريط بأصولها المملوكة للشعب للخروج من نفق الأزمة الاقتصادية؟، قائلا: “يثير هذا التساؤل سؤالا أكثر عمومية حول دور السيولة في علاج المشكلة فالنظام الحالي قد تلقى أكبر دعم دولاري في تاريخ البلاد”.

 وأوضح أن “اختيار المشروعات على أسس خاطئة اقتصاديا وتوغل المؤسسة العسكرية في النشاط الاقتصادي مزاحمة للقطاعين العام والخاص وتفشي الفساد والاكتفاء بتسقيط بعض الرموز دون خطط علمية وإرادة سياسية لمواجهته هي الأسباب الحقيقية لتسارع السقوط”.

 من جانبه أيد الدكتور ضياء الناروز، الخبير الاقتصادي ونائب مدير مركز صالح كامل، الخصخصة بشكل عام وذلك شريطة أن تتم بشفافية وبعيدا عن أصحاب المصالح، موضحا أن إدارات الشركات والمؤسسات التابعة للقطاع العام وقطاع الأعمال العام هي إدارات بيروقراطية تبدد وتهدر موارد الدولة وتعوق استغلال ما تملكه هذه المؤسسات من فرص وإمكانيات عظيمة.

 وقال “الناروز” خلال تصريحات خاصة لـ”مصر العربية” أن خصصة البنوك الحكومية من خلال طرحها في البورصة سيكون له مردود إيجابي على أرباح هذه المؤسسات من خلال توافر إدارة وهيكل إداري غير بيوقراطي.

 أين ستذهب الأموال؟

 وأضاف “الناروز” أنه  يبقي السؤال هو أين تذهب أموال عمليات بيع هذه البنوك؟ هل يتم إنفاقها وتخفيض العجز في الموازنة؟ أم أن هناك خطة موضوعة للتصرف في حصيلة البيع؟، موضحا أنه من المهم الاستفادة من عملية بيع البنوك الحكومية، وأن  يتم التخطيط لكيفية التصرف في حصيلة البيع؛ بحيث يتم إعادة ضخ هذه الاموال في استثمارات توفر فرص عمل؛ وتعمل على زيادة الناتج القومي؛ وهو ما من شأنه التخفيف نسبياً من التدهور الحالي الذي يعاني من هيكل الإنتاج.

 وأوضح الخبير الاقتصادي أنه رغم تأييده وبقوة للخصخصة وتقليص دور القطاع العام؛ إلا أنه أكد أن عمليات البيع هذه ليست إلا حلول وقتية، تلجأ إليها الحكومة الحالية لاستخدام حصيلة البيع في سداد بعض من الديون الخارجية؛ ظناً منها إقبال الأجانب على عمليات شراء توفر نقدا أجنبياً.

 وحذر الناروز من أن تجارب الخصصة في مصر غالبا ما اقترنت بعمليات فساد أدت إلى بيع العديد من الشركات بأبخس الأثمان.

 أفضل البنوك الحكومية

 في المقابل، يرى محمد عبدالحكيم ، خبير أسواق المال، أن الغرض الرئيس من طرح حصة من بنك القاهرة للاكتتاب العام هو تعزيز موارد الحكومة المالية، موضحا أن بنك القاهرة المملوك لشركة مصر للاستثمارات المالية التابعة لبنك مصر الحكومى هو من أفضل البنوك الحكومية، إذ حقق البنك خلال عام 2015 أرباحا صافية تزيد عن ملياري جنيه مصري بعائد على حقوق المالية أعلى من 50% وهى نسبة لا تتحقق كثيرا فى هذا القطاع المنخفض المخاطر.

 وقال “عبدالحكيم” خلال تصريحات خاصة لـ”مصر العربية” إن طرح حصة من ملكية الحكومة فى البنك للاكتتاب العام بالإضافة إلى زيادة رأسمال البنك، كما أعلنت الحكومة، قد يكون إيجابيا للبنك، حيث من الممكن أن يجذب البنك مساهمين ذوى خبرة فى أعمال البنوك ما قد يعد إضافة لمجلس إدارة البنك ودفعة لأداءه بشكل عام.

 وأوضح خبير أسواق المال أن البنوك الحكومية فى مصر هى اليد الخفية والتابع غير المباشر الذى يستخدمه البنك المركزى فى دفع القطاع المصرفى نحو توجهاته ورؤيته لأسلوب عمل القطاع، وبالتالي لن تفرط الحكومة بسهولة فى حصتها الحاكمة كما سبق وتم فى صفقة بيع بنك الإسكندرية لضمان استمرار سيطرتها على مجريات الأمور فى هذا لقطاع الإستراتيجي.

 شرط النجاح

 من جهته أكد خبير أسواق المال، محمد الدشناوي، أن طرح بنك القاهرة في البورصة أمر جيد للدولة وللاستثمار، ولكن بشرط النزاهة فى البيع واختيار الوقت المناسب واختيار شريك ذو ملاءة قوية يكون إضافة لسوق المال المصري.

 وقال “الدشناوي” خلال تصريحات خاصة لـ”مصر العربية” إن الأهم في الطرح هو تحديد وقت مناسب لعملية الطرح حتى يلقى قبولا سواء من الأفراد أو المستثمرين الرئيسين وأن يكون سعر جيد للدولة.

 جدير بالذكر أن آخر عملية بيع من الحكومة لأحد البنوك التي تملكها كان في أكتوبر عام 2006 عندما، حيث باعت الحكومة 80% من بنك الاسكندرية لبنك انتيسا سان باولو الإيطالي مقابل 1.6 مليار دولار.

 وكان بنك مصر قد سبق وأن استحوذ على بنك القاهرة في مايو 2007 في صفقة كبري شابها الكثير من الجدل، خاصة مع تعثر بنك القاهرة و طرح فكرة بيعه لأحد البنوك الأجنبية، حيث شهدت صفقة بيع بنك القاهرة في شهر يونيو 2008 جدلا واسع النطاق داخل القطاع المصرفي، واضطرت الحكومة إلى إلغاء صفقة بسبب عدم التوصل إلى سعر مناسب.

 وفي مايو 2010 قام بنك مصر بتأسيس شركة مصر المالية للاستثمارات، لتصبح ذراعا استثماريا للبنك، بنسبة مساهمة 99.99%، فيما أعلن بنك مصر في ذلك التوقيت نقل ملكية بنك القاهرة إلى شركة مصر للاستثمارات المالية.

 الأكبر حجما

 وكان وزير المالية عمرو الجارحي أكد أن الحكومة تستهدف جمع ما بين 6 و8 مليارات جنيه سنويا من الطروحات الأولية لشركات في البورصة، موضحا أن حصص الشركات التي سيتم طرحها في البورصة ستتراوح بين 20 و25% وبحد أقصى 30%.

 يذكر أن بنك القاهرة قد تأسس في عام 1952 كشركة مساهمة مصرية، ويعد من أهم البنوك العاملة في مصر على مستوى بنوك القطاع العام والخاص كما يعتبر من أكبر البنوك في مصر من حيث حجم الاعمال وعدد الفروع والعملاء.

 وتبلغ شبكة فروع ووحدات بنك القاهرة نحو 234 فرع ووحدة منتشرة فى جميع أنحاء الجمهورية وتشمل شبكة الصراف الآلى للبنك ما يزيد عن 525 ماكينة صراف آلى منتشرة بفروع البنك ومواقع خارجية وحجم عملائه يفوق عددهم  2.8 مليون عميل.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...