ماذا وراء انفعالات قائد الانقلاب؟!!

قال قائد الانقلاب: اللى حصل فى مصر قبل سبع سنوات لن يتكرر، وحياتى وحياة الجيش ثمن المساس بأمن مصر، أنا مش سياسى، واللى عايز يخرب مصر لازم يخلص منى الأول، وليلة إعلان ترشحه من فندق الماسة قبل أسبوع قال: الحرامى اللص لن أسمح له بالاقتراب من كرسى الرئاسة.

الأذرع الإعلامية والصحف الموالية للنظام الانقلابى، جاءت قراءتهم مختلفة لهرتلة قائد الانقلاب، أنهم يروجون بأن قائد الانقلاب توافرت له وقائع ومعلومات محددة، وتحركات مشبوهة على الأرض، فجاءت كلماته فى صورة تحذيرات لهذه الأطراف، خاصة فى قوله: ليس سياسيا وبتاع كلام، وأنه قد يطلب تفويضا جديدا من الشعب.

ومن خلال قراءة هؤلاء المرتزقة تبين أن الطرف الأول الذى حذره قائد الانقلاب، هو كل من دعم ووقف وراء ترشح سامى عنان، قبل أن يتم اعتقاله، لأن الأجهزة الحكومية شعرت أن عنان وفريقه كانوا حريصين على إعادة الإخوان مرة أخرى إلى العملية السياسية.

وإن كان هذا الكلام لا يسنده الواقع، ولا يصدقه إلا بهاليل النظام الانقلابى، ومن لف لفهم من السذج، لأن عنان فقط كان لديه طموح للوصول لكرسى الحكم، والإخوان يعلمون أن عنان، أحد أعضاء مجلس عسكر كامب ديفيد، المسئول عن موقعة الجمل، والمسئول عن كل المذابح التى تلت ثورة يناير، والمسئول عن براءة نظام المخلوع مبارك، وإتلاف كافة الأدلة التى تدينه، فضلا عن تبديد الاحتياطى الاستراتيجى من النقد الأجنبى، فكيف والحالة هذه يستقيم هذا القول، أو يمكن أن ينطلى على أحد؟

أما الطرف الثانى الذى حذره قائد الانقلاب، حسب قراءة هؤلاء المرتزقة، فهى التحركات الداخلية التى جرت فى الأيام الأخيرة، وأبرزها دعوة محمد أنور السادات بتنظيم مسيرة سلمية إلى مقر الرئاسة، ثم دعوة الحركة المدنية الديمقراطية إلى مقاطعة الانتخابات، وبعض البيانات التى صدرت عن نواب برلمان العسكر، والمعروفة باسم “٢٥-٣٠”، حيث جرى تصوير الأوضاع من خلالها بصورة قاتمة.

وهذا الكلام تعوزه الدقة أيضاً لأن هؤلاء هم شركاء النظام الانقلابى فى الانقلاب على التجربة الديمقراطية وعلى الرئيس المنتخب، وتحركهم الأجهزة الأمنية فى الغالب لإعطاء إيحاء بأن هناك ديمقراطية، وحرية تعبير أو ما شابه، ولا يمكن أن يتحركوا من تلقاء أنفسهم.

والطريف أن الحركة المدنية الديمقراطية -التى سعت لاستدعاء العسكر للانقضاض على التجربة الديمقراطية- قالت إنها تشعر بعميق القلق من تصريحات قائد الانقلاب، التى تضمَّنت تحذيرًا شديد اللهجة إلى كل من يعارض النظام الانقلابى.

وأين كان هذا القلق العميق عندما قامت جبهة الخراب بتوفير غطاء سياسي للبلطجية والتحريض على العنف والقتل، للاعتداء على مقرات الإخوان وحزب الحرية والعدالة.

وقالت فى بيان لها: إن الأحزاب والشخصيات المؤتلفة في الحركة المدنية الديمقراطية تستشعر عميق القلق من بعض ما قد تحمله هذه التصريحات من دلالات وإشارات، وإذا كان المقصود من التصريح بأن ما حدث منذ سبع سنوات لن يتكرر هو ثورة 25 يناير (2011)، التي مجَّدتها ديباجة دستور العسكر، ومنها يستمد النظام القائم شرعيته، فإن هذه الثورة تمثل واحدة من أكثر صفحات التاريخ المصري إشراقاً، رغم ما يقوم به البعض في الدوائر الرسمية وشبه الرسمية من تشويهها، ورغم إيداع شبابها في السجون.

والتفسير الوحيد الذي يمكن أن نقبله لهذا التصريح هو أن الممارسات الفاسدة واللاديمقراطية والمستبدة لنظام مبارك التي أدت إلى اندلاع الثورة لن تتكرر.

وقد تساءلت الحركة المدنية الديمقراطية، في بيانها، عن فحوى التفويض الجديد الذي قد يطلبه قائد الانقلاب من المصريين، وتؤكد أن الدول لا تُدار بالتفويضات وحشد المؤيدين في تجمعات سابقة التجهيز، بل تدار بالدستور واحترام الحريات.

ودعت الشعب المصري إلى مقاطعة الانتخابات، وإن السلطات قامت بممارسات إخلاء الساحة قسريًّا لصالح قائد الانقلاب.

ومع ذلك فإن أحد قادة جبهة الخراب -“عمرو حمزاوى” التى تطلق على نفسها اليوم الحركة المدنية الديمقراطية- قال بعد الانقلاب على الرئيس مرسى، وبعد التضيق عليه وفراره خارج البلاد: أخطأت النخبة في مصر عندما رفضت الديمقراطية التي أتاحت الانتصارات للتيار الاسلامي، وأخطأت النخبة عندما استدعت المؤسسة العسكرية لوأد تقدم الإسلاميين، وقتل أول تجربة ديمقراطية حقيقية في مصر، ولم ينتظروا التغيير السلمي للسلطة عن طريق الاحتكام لصناديق الانتخابات.

وآخر تقليعات الحركة المدنية، بل أقصى أمنياتها اليوم، أن تفتح حواراً مع النظام الانقلابى وليس إسقاطه!! والسؤال كيف يمكن فتح حوار مع شخص مش سياسى ولا بتاع سياسة؟

وقد كان الكاتب السعودى “جمال خاشقجى” قال: بدأت أقتنع أن قائد الانقلاب بالفعل سلفي من جوة، لعله أثنى الركب عند مشايخ الرياض، أثناء عمله هناك وأمن بمنهجهم، أكاد أسمعه يقول: واجبكم طاعة ولي الأمر وخلافه خروج وعصيان، وهو يرى ما لا يرى غيره ومن خرج عليكم وأمركم على رجل واحد فاضربوا عنقه، مع أنه قال من قبل: أنا مش إخوان ومش هبقى إخوان، ومش سلفي ومش هبقى سلفي.. أنا إنسان مسلم بس!!

وعندما شعر النظام الانقلابى بعزوف الشعب عن المشاركة فى مسرحية الانتخابات بدأ يحذر بأن عقوبة الحبس والغرامة تنتظر من يتخلف عن الذهاب للإدلاء بصوته.

يا نحكمكم يا نحبسكم!!

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...