أبعاد لقاء رئيس الكونغرس اليهودي العالمي السيسي بقصر الاتحادية

استقبل عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء الماضي، رونالد لاودر، رئيس الكونغرس اليهودي العالمي، بحضور اللواء عباس كامل مدير المخابرات العامة، بقصر الاتحادية ارئاسي.

وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير بسام راضي، إن اللقاء تناول العلاقات المصرية الأميركية، وكذلك آخر تطورات عملية السلام في الشرق الأوسط، فضلاً عن بحث عدد من القضايا الإقليمية وجهود مصر التي تبذلها في هذا الإطار للتوصل إلى حلول سلمية لأزمات المنطقة.

اللقاء أثار جدلا سياسيا، حيث أن رئيس الكونغرس اليهودي مجرد شخصية عامة، وليس منصبا رسميا، إلا أنه استقبل استقبالا رسميا وفي قصر رئاسي، ما يشير إلى كثير من التكهنات ، المتعلقة بالسياسة المصرية تجاه الحركة الصهيونية العالمية، وقضايا أخرى تتعلق بالعلاقة بين مصر واسرائيل، تناقش في دوائر غير رسمية ، غالبا ما تشهد تسويات بعيدة المدى وخطوات سرية في الملفات الشائكة التي قد تكون عصية عن الخل في الدوائر الرسمية..

الصهيونية العالمية

يشار إلى أن الكونجرس اليهودي ، هو اتحاد دولي لمنظمات يهودية مؤيدة للحركة الصهيونية وقد تأسس في سويسرا في العام 1936 ، ويتخذ حاليا من نيويورك مقرًا له.

وبحسب الموسوعة الفلسطينية، يعد “الكونغرس اليهودي العالمي” منظمة يهودية عالمية طوعية، تأسست عام 1936، ويرأسها منذ 2007 رجل الأعمال الأمريكي رونالد لاودر، وكان الهدف من تأسيسه كما تحدد في دستوره “ضمان بقاء الشعب اليهودي وتعزيز وحدته“.

أهمية الزيارة وتوقيتها!

والزيارة الحالية، هي الثالثة خلال خمس سنوات، الأولى كانت عام (2015) والثانية في عام (2017) والثالثة صباح الثلاثاء 11 يونيو 2019.. بمعدل زيارة كل عامين..

وتبرز أهمية زيارة الوفد اليهودي، بالتوافق مع يوم اعلان القاهرة مشاركتها في مؤتمر البحرين الاقتصادي، الممهد لصفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية..

صفقة القرن

وأثارت أنباء اعلان  مشاركة مصر والأردن في الورشة الاقتصادية غضبا عربيا وفلسطينيا  ، حول عقد المؤتمر  في بلد عربي شقيق، بالتزامن مع قرار القيادة الفلسطينية بمقاطعة المؤتمر، كما أن انعقاده يتناقض مع مبادرة السلام العربية التي أكدت حل الدولتين، وإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعودة اللاجئين وفق قرار 194“.

وكان مسؤول في البيت الأبيض، ذكر  الثلاثاء الماضي، أن مصر والأردن والمغرب أبلغت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب باعتزامها حضور ورشة المنامة (مؤتمر البحرين)، التي يصفها البعض بأنها المدخل الاقتصادي لخطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة إعلامياً بـ”صفقة القرن”، وتواجه بمقاطعة فلسطينية واسعة..

ورفض المسؤول الأميركي الإفصاح عن مستوى تمثيل تلك الدول، فيما قال مسؤولون أميركيون في وقت سابق إنهم وجهوا الدعوة لوزراء الاقتصاد والمالية وكذلك لزعماء الأعمال من المنطقة والعالم.

وتعتزم المؤسسات المالية الدولية، ومنها صندوق النقد والبنك الدوليان، الحضور أيضاً، وفق ما نقلت وكالة “رويترز“.

يأتي ذلك في وقت أكد فيه العاهل الأردني، عبد الله الثاني، خلال لقاء مع شخصيات سياسية وإعلامية أردنية في عمّان، الثلاثاء، أنه سيحضر ورشة البحرين الاقتصادية، “لمعرفة ماذا يحدث، وتفاصيل ما يحدث”، رغم إقراره بوجود تحفظات أردنية إزاءها..

وتعرض الأردن لضغوط اقتصادية كبيرة من قبل المؤسسات الدولية المانحة ومن قبل دول الخليج “السعودية والامارات”، وهو ما قد يكون مثل عاملا حاسما في القرار الأردني..

ولعل تعليق  صحيفة  “يديعوت أحرونوت” على القرارين المصري والأردنيي كان كاشف ومعبر عن طبيعة ووسائل إدارة اللعبة السياسية في الشرق الأوسط في زمن الانكسار العربي، بقولها: : “المال يشتري كل شيء، حتى إنه يستطيع شراء ملك الأردن ورئيس مصر“.

زيارة قائد القيادة المركزية الأمريية

وترافقت زيارة وفد الكونغرس اليهودي مع استقبال السيسي في ذات اليوم قائد القيادة المركزية الأمريكية ، حيث استقبل السيسي الفريق أول كينيث ماكينزي قائد القيادة المركزية الأميركية، بحضور وزير الدفاع محمد زكي، بالإضافة إلى القائم بأعمال السفير الأميركي بالقاهرة.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن السيسي أكد أهمية التعاون العسكري القائم بين البلدين، والذي يعد جوهرياً لمواجهة التحديات الراهنة التي تهدد أمن واستقرار المنطقة بأسرها، ومستعرضاً في هذا الصدد جهود مصر الحالية لمكافحة الإرهاب على كافة المحاور والاتجاهات الاستراتيجية.

وأضاف السفير بسام راضي أن اللقاء تناول مناقشة نتائج الاجتماع الأخير للجنة التعاون العسكري بين البلدين بواشنطن في شهر مارس الماضي، والتي تعد المنتدى الأبرز للعلاقات العسكرية الثنائية، حيث شهدت التشاور بشأن مجموعة متنوعة من الشؤون الاستراتيجية، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والأمن الحدودي والبحري والتعاون الأمني، وعلى النحو الذي يعكس الالتزام المتبادل بالتعاون الثنائي والتشاور على أساس الأولويات المشتركة.

تكهنات كارثية

ومن ضمن التكهنات التي تثيرها الزيارات المتوالية لرئيس الكونغرس اليهودي، بجانب الضمانات المصرية التي تقدمها مصر من أجل سلام الاسرائيليين وأمنهم، وترتيبات ما بعد مؤتمر البحرين، مسألة منح الجنسية المصرية للإسرائيليين..

ولا يستبعد مراقبون أن تكون زيارة الوفد اليهودي قد ناقشت مسألة منح الجنسية المصرية لإسرائيليين، أو يهود من جنسيات أخرى، أو اعادة توطين يهود مهجرين من مصر في الحقبة الناصرة، خاصة في ضوء اقرار قرار لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب المصري، اعتماد مشروع قانون منح الجنسية المصرية مقابل دفع عشرة آلاف دولار…

وهو ما رأه رئيس لجنة الدفاع، اللواء كامل عامر، في تصريح للمكتب الصحفي للبرلمان، أن المشروع يهدف إلى منح الجنسية مقابل الاستثمار، وهو ما ينعكس على تحقيق التنمية الاقتصادية ويحافظ على مقدرات الدولة، مع تحقيق الأمن القومي.

ويتضمن مشروع القرار، وفق عامر، 5 مواد رئيسة، تنص أولاها على حذف فئة الأجانب ذوي الإقامة بوديعة والاقتصار على الفئات الثلاث المنصوص عليها في المادة 17 من القانون القائم، وهم (أجانب ذوو إقامة خاصة، وأجانب ذوو إقامة عادية، وأجانب ذوو إقامة مؤقتة).

وهو القرار الذي من الممكن أن يمنح الإسرائيليين الجنسية المصرية من خلال دفع الاستحقاق المالي، جيث أن مشروع القانون المقر لم يحدد جنسيات بعينها للحصول على الجنسية المصرية، وهو ما يفتح الأبواب أمام الإسرائيليين أو المستثمرين الإسرائيليين للحصول على الجنسية المصرية.

فمعاهدة كامب ديفيد لم تمنع استثمار الإسرائيليين أو إقامتهم داخل مصر وفق بنود تلك المعاهدة، خاصةً المقيمين منهم بشكل دائم في جنوب سيناء وشرم الشيخ..

ويدخل الإسرائيليون لمصر بسهولة في إطار اتفاقية السلام التي أبرمتها القاهرة مع “تل أبيب” في 26 مارس 1979، حيث يحق للإسرائيليين دخول سيناء بالهويات الشخصية فقط، ودون الحاجة لتأشيرات للدخول.

ووفق أرقام معدلات الحركة السياحية الوافدة لمصر خلال النصف الأول من عام 2018، يظهر أن الأوروبيين والروس الآسيويين والأمريكيين يمثلون 70%، أما العرب فنسبتهم نحو 27%، وبقية الجنسيات تشكل 3%، ومن بين هذه الجنسيات الإسرائيليون، وذلك استناداً إلى إحصاءات رسمية صادرةٍ مطلع العام الجاري.

ولعل ما قالته احدى الوزيرات الاسرائيليات، قد يتحقق على أرض الواقع في ظل حكم السيسي، سيفاجئ العرب يوماً بأن أبناء إسرائيل تحكم بلادهم“!

يشار إلى أنه منذ أبريل 2014، توقفت مفاوضات السلام بين الجانبين؛ الفلسطيني والإسرائيلي، بسبب رفض تل أبيب وقف الاستيطان والقبول بحدود ما قبل حرب 1967 كأساس لحل الدولتين.

وتعمل الإدارة الأمريكية على صياغة “صفقة القرن” منذ تسلم الرئيس دونالد ترامب الرئاسة مطلع 2017، دون الكشف عن بنودها حتى الآن، ويتردد أنها تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لحساب “إسرائيل”، ومن بينها وضع مدينة القدس وحق عودة اللاجئين.

فيما يقيم النظام المصري الحالي علاقات وطيدة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وبين فترة وأخرى يلتقي السيسي بأعلى المسؤولين فيها، بالإضافة لشخصيات يهودية عالمية.

وسبق وأن تعهد السيسي بحماية أمن اسرائيل، والعمل على عدم توجيه أي عدوان لها من الأراضي المصرية، بل يقوم بدور الوسيط المنحاز لتل أبيب بالضغط المستمر على فصائل المقاومة الفلسطينية في أوقات التصعيد، لتجنيب المستوطنين الصهاينة ويلات صواريخ المقاومة الفلسطينية، ويشارك في حصار قطاع غزة، ويمارس العديد من الضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية على الفلسطينيين للعمل وفق أجندة مصرية تصوغها وترضى عنها اسرائيل في ملفات التقارب الفلسطيني الفلسطيني  والترتيبات السياسية المختلفة…

ومع توالي التطورات الاقليمية والدولية المحيطة بالشرق الأوسط والدور الذي تلعبه مصر في ظل حكم السيسي تبرز مخاطر الدور السياسي للسيسي في المنطقة، خصما من الشعب العربية التي تواجه قمعا مخليا ومخططات دولية  لتعميق الاستبداد والافقار لضمان التغلغل الغربي في المنطقة، تحقيقا لمصالح الصهيونية العالمية والدوائر الغربية والأمريكية….وفي مقدمة تلك الشعوب الشعب الفلسطيني..

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...