ترويح القلوب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد 
ترويح القلوب : 
يقول أهل العلم والتربية الروحية أن المقصود بترويح القلوب هو تزكيتها ورياضتها، ومن وسائل ذلك: الصلاة وذكر الله عز وجل ، والدعاء ، والاستغفار بالأسحار ، وقيام الليل ، والتهجد فى جوف الليل ، والفرار إلى الله فى خلوة ، وسوف نتناول فى هذا الفصل هذه الوسائل بشىء من الإيجاز حسب ما يتسع به المقام .


أولاً : الصلاة راحة القلوب.
الصلاة راحة للقلب وعلاج فعال لسقمه ومرضه ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصابه هم أو فَتُرْ عن أمر من الأمور، ينادى بلال ويقول له : ” أَرِحْنَا بها يا بلال ” ، وقال صلى الله عليه وسلم : ” جعلت قرت عينى فى الصلاة “، ويقول صلى الله عليه وسلم : “إن للقلوب إقبالاً وإدباراً ، فإذا أقبلت فتنفلوا فإذا أدبرت فعليكم بالفريضة ” (رواه البخارى) .


فالمسلم وهو يصلى يستشعر أنه واقف أمام الله عز وجل يناجيه ويتوسل إليه ويدعوه ، وهذا وقت روحانى ربانى ونداء طيب فعندما يقابل الإنسان حبيب له ويسمع منه كلاماً طيباً أو يسمعه كلاماً طيبا يستريح، فما بالك إذا كان المحبوب هو الله سبحانه وتعالى فلابد وأن يشعر الإنسان بالراحة والسكينة والأمن والاطمئنان عندما يكون أمام ربه فى الصلاة لذلك يجب على المسلم إذا أصابه هم أو فزع أو تعب أو نصب أن يهرع إلى الله عز وجل مصداقاً لقوله تبارك تعالى:  فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ  [سورة الذاريات: 50].


كما أن الخلوة مع الله عز وجل فى جوف الليل علاج لأمراض الوهن والفتور والهموم ، فهذا مشهد من مشاهد الفرار إلى الله عز وجل ومناجاته ليزيل ما أصابه من هم وغم ، ومما ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم هذا المقام منها : ” ينبغى للعاقل أن يكون له أربع ساعات : ساعة يناجى فيها ربه …. ” (رواه ابن حبان ) ، فهناك فرق شاسع بين من يهرع إلى الصلاة عندما يصيبه الهم والغم ومن يذهب ليشاهد التليفزيون أو يدخن السيجار عندما يصيبه الضيق.


ثانياً : ذكر الله راحة للنفس ورياضة للقلب
إذا كان ذكر الله عز وجل واجباً فى كل الأحوال صغيرها وكبيرها ، فذلك أوجب فى حالات الكَرْب والهَمْ والمشقة ، ولقد أمرنا الله عز وجل بذلك فقال :  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً َ [سورة الأحزاب : 41ـ42] ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن رب العزة عز وجل : “ أنا عند حسن ظن عبدى بى، وإنى معه إذا ذكرنى، فإن ذكرنى فى نفسه ذكرته في نفسى، وإن ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ خير منه ” (متفق عليه من حديث أبى هريرة) ، فيجب على المسلم أن يكون لسانه دائماً رطباً بذكر الله تعالى لأن فى ذلك أحياء للقلوب، مصداقاً لقول النبى صلى الله عليه وسلم : ” مثل الذى يذكر ربه والذى لا يذكر ربه مثل الحى والميت ” (رواه البخارى) ، ولقد سأل أحد المسلمين النبى النصيحة فقال صلى الله عليه وسلم : “ لا يزال لسانك رطباً بذكر الله ” .


وذكر الله يطمئن القلوب الخائفة المرتجفة ، ويبعث فى النفس الطمأنينة وفى هذا المقام يقول الله تبارك وتعالى: 
 الَّذِينَ آمَنُوا وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ  

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...