وقفة مع النفس

في نهاية عام واستقبال اخر يجب ان نقف مع النفس نراجع ما سطرنا ، ونصحح ما أخطأنا ، ونداوي ماجرحنا ، ونسترد ما فرطنا ،

 فالمفرطين لن ينفعهم الندم وقت الحصاد ، ولن يسعفعم اللوم وقت الحساب  “أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين” الزمر

والنفس ان لم ترشدها الي الجماعة شردت الي الفردية ، وان لم توجهها الي القناعة انحرفت الي الدونية ، وان لم تلزمها بالطاعة اخذتك الى المعصية  “ونفس وما سواها ( 7 ) فألهمها فجورها وتقواها ( 8 ) قد أفلح من زكاها ( 9 ) وقد خاب من دساها ( 10 )”  الشمس ، افلح من زكاها بالطاعة فسمي بها  الى الافاق العلى ، وخاب من دسها في وحل المعصية فهوي بها في دركات ظلامية  ..!!

نعم فالزمن يدور والحياة تسير والزاد قليل والسفر الى الله طويل ،  وكل يوم ينشق فجره ينادي المنادي : بابن ادم انا خلق جديد ، وعلى عملك شهيد فاغتنمني فاني لا اعود الى يوم القيامة .

تتسارع الايام وتمر الاعوام وتتوالي الليالي  ..

 والليالي من الزمان حبالي 

           مثقلات يلدن كل عجيب

نودع عاما ونستقبل عاما اخر  ، وبين عام وعام يجب ان ينظر المسلم ما قدمت يداه ، ويحاسب نفسه قبل ان يفارق الحياة ، ويراجع سجلاته قبل ان يلقي الله ، فان وجد خيرا فخيرا ، وان لم يجد فلا يلومن الا نفسه ” فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ” الزلزلة

قضي عام بحلوه ومره ، بخيره وشره ، بنفحاته ولفحاته ، ودعنا عاما اريقت فيه دماء ، وتناثرت أشلاء ، وارتكبت فيه مجازر ، ورفعت فيه الي الله مظالم ، وتعمقت فيه الخصومة ، لكننا نوقن انه عند الله تجتمع الخصوم …!!

كم من حبيب ودعناه ، وكم من عزيز

 شيعناه ، وكم من صديق في ****

 وضعناه …!!  هل غابت الشمس ؟  ، هل اجدبت الارض ؟ هل امسكت السماء ؟  كلا ثم كلا !!

انما كل شئ عند الله بمقدار ، وربك يخلق ما يشاء ويختار ..!!

نعم كل شئ عنده تعالي بقدر ؟ ” لا السمس ينبغي لها ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ”  يسن

مرت سنين بالوصال وبالهنا

          فكانها من قصرها ايام 

ثم انثنت ايام هجر بعدها

         فكانها من طولها اعوام

ثم انقضت تلك السنون واهلها

         فكانها وكانهم احلام

وها نحن نستقبل عاما اخر نسال الله ان يكون سخاء رخاء ، امنا وامانا ، سعادة وسرورا  لمصر والمصريين ، للاسلام والمسلمين ..!!

تتسارع الايام لتعلي قيمة الوقت في حياة الانام ، فالوقت هو الحياة وانفاقه في طاعة الله سبيل الي النجاة ، لذلك يجب ان نكون من الله علي وجل ،ومن الجنة علي عجل ، والي اعمال الخير بلا كلل او ملل “وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض أعدت للمتقين” آل عمران

السابقون  اجيبوا الي ما طلبوا – ولو كبر سنهم وشاب شعرهم ورق عظمهم ، إنهم سارعوا الي الخيرات ،  وكانت جوارحهم خاشعات في طاعة الله لينات ،  وكانت اوقاتهم تسبيحات وصلوات ودعوات  كيف ؟  الطلب “رب لاتذرني فردا وأنت خير الوارثين” سورة الانبياء   ،  الاجابة الفورية  ”  فاستجبنا له ووهبنا له يحي واصلحنا له زوجه .. ”   المؤهلات  “إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين”  الانبياء

يقول عمر بن عبد العزيز  رضي الله عنه :  الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما ،

يعملان فيك فيشدانك الي ربك شدا ” يا ايها الانسان انك كادح الي ربك كدحا فملاقيه ”  الانشقاق

اعمل فيهما بطاعة الله فاتبع امره واجتنب نهيه “ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا”   الحشر

يقول الحسن البصري رحمه الله  : يومك ضيفك ، فان احسنت اليه ارتحل وهو يحمدك ، وان اسأت اليه ارتحل وهو يذمك  .

ويقول ايضا : انما انت ايها الانسان ايام مجتمعة ، فاذا ذهب يومك فقد ذهب بعضك .

ويقول ابو الدرداء  رضي الله عنه : العقلاء ثلاثة : من بني قبره قبل ان يدخله ، ومن ارضي ربه قبل ان يلقاه ، ومن ترك الدنيا قبل ان تتركه .

ويقول الفاروق عمر رضي الله عنه : حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوا اعمالكم قبل ان توزن عليكم ..

ويقول المصطفي صلي الله عليه وسلم : اغتنم خمسا قبل خمس ، حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وشبابك قبل هرمك ، وغناك قبل فقرك . صححه الالباني

في وداع عام يجب علي الانسان ان يجرد دفاتره ، ويقلب صفحاته ، ويراجع حساباته ، ويقدم لحياته ، وحياته الحقيقية هناك وليست هنا ، في الاخرة وليست في الدنيا ، عند الله وليست عند الاهل اوالاولاد او العشيرة او القبيلة ،   كيف ؟ “يوم يتذكر الانسان وان له الذكري * يقول ياليتني قدمت لحياتي ” الفجر .. الله تعالي لم يقل في حياتي … وانما قال تعالي لحياتي … الحياة المستقبلية عند الله ، حياة الخلود ، حياة الجزاء ، حياة السعادة  “فاما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والارض إلا ما شاء ربك، عطاء غير مجذوذ”   هود

غدا توفى النفوس ما كسبت

         ويحصد الزراع ما زرعوا

فان احسنوا احسنوا لانفسهم

       وان اساروا فبئس ما صنعوا

تتسارع الايام بكم الي الله فسارعوا  الي طاعته ورضاه  ، تتوالي الليالي فتطوي اعماركم

فاستثمروا اوقاتكم في بناء قبوركم ، اغتنموا حياتكم في استقرار آخرتكم ، اتقوا يوما ترجعون فيه الي ربكم ….

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...